فكر وثقافة

دراسة الإنسان: ضبط العمال على الآلات

  • تأليف: دانيال بيل
  • ترجمة: م. ح. الزهراني
  • مراجعة: مصطفى هندي
  • تحرير: عائشة السلمي

علماء الاجتماع يستكشفون عالم المصانع

يزداد تطبيق أساليب و طرق علم الاجتماع يومًا بعد يوم لحل مشاكل مجتمعنا، لا سيما تلك الناتجة عن الصراع والاحتكاك بين الجماعات. في مقال “السيطرة بالتلاعب” ، الذي طُبع في هذا القسم في يوليو ، يقدم ناثان جلازر معلومات عن الجهود الأخيرة لاستخدام علماء الاجتماع لضبط سلوك البشر حتى يتلاءموا مع احتياجات الحكومة ، كما هو الحال في مراكز إعادة التوطين اليابانية.وتكمن هذه الأهمية الكبيرة في الجهود التي بُذلت على مدى السنوات الأخيرة لتطبيق تقنيات علم الاجتماع على مقياس أكبر في الوحدة الأساسية لمجتمعنا الصناعي ، المصنع.

وتمثل هذه الدراسات الحديثة تحولًا كبيراً عن الصورة التقليدية للمهندس الصناعي الذي يقيم إنتاج العامل على أساس بعض المعايير الميكانيكية البحتة ، وتسعى هذه الدراسات إلى إيجاد طرق لزيادة الكفاءة من خلال دراسات الزمن والحركة التي تقيس القدرات البدنية للعامل. على أية حال ، مثل الدراسات السابقة ، لا تركز الأبحاث الجديدة على “العلاقات الصناعية” أو “مشكلات العمال” حيث إن هذه المصطلحات تُفهم على نطاق واسع على أنها قضايا اقتصادية كبيرة أو أنها تتعلق بالعلاقات رفيعة المستوى بين نقابة/اتحاد العمال وأرباب العمل. لكنها في المقام الأول دراسات السلوك والعلاقات الاجتماعية الفعلية داخل المصنع:

 موقف العامل تجاه المشرف وأصحاب العمل ؛ العلاقة بين الهيكل الرسمي للإدارة المحدد في المخطط التنظيمي لصاحب العمل وبين الهيكل الذي يُطبق فعلاً ؛ أسباب قلة الإنتاج ؛ مقاومة العمال للتغير التكنولوجي ؛ وما إلى ذلك .

الصناعة وأساتذة الجامعات

خلف هذه الدراسات اقتناعُ العديد من رواد الصناعة أن الطريق إلى إنتاجية أعلى لم يعد يعتمد إلى حد كبير على الآلات والتقنيات المتطورة بقدر ما يعتمد على تجاوب أفضل من العمال .أعلنت شركة فورد للسيارات منذ فترة وجيزة أنها كانت تخصص 500 ألف دولار لبحث “العلاقات الإنسانية” . قال هنري فورد الثاني  أدركت الشركة أنه لم يعد بإمكانها أن تزيد من الترشيد التكنولوجي للآلات ، وأن الخطوة التالية في الهندسة يجب أن تكون رفع مستوى “الإنجاز البشري”. هذه الشركات مثل ليبي ، وماكنيل ، وشركة ليبي للحاويات الأمريكية ، وسيرز روبوك ، كانت تقوم منذ بعض الوقت بإجراء أبحاث في مصانعها ، تبعًا لشركة ويسترن إلكتريك التي تصدرت قسم التصنيع في AT & T و التي أنفقت أكثر من مليون دولار في عشر سنوات لدراسة سلوك العمال أثناء العمل.

تشارك مجموعة من أربع جامعات كبرى في هذا البحث. أكبر وأقدم هذه الأبحاث هو الذي أخرجه إلتون مايو في كلية هارفارد لإدارة لأعمال ،و هو الذي أعطى دفعة لمعظم الأبحاث في هذا المجال.

مجموعة ثانية ، موجودة منذ عام 1943 ، تعمل في جامعة شيكاغو تحت إشراف W. Lloyd Warner. تدرب رانر وزميليه ، بيرلي غاردنر وويليام إف. وايت ، في هارفارد واستفادوا مما قدمه مايو.

في ييل ، يدير E. Wight Bakke مركزًا لإدارة الموارد البشرية منذ أقل من عامين. وقد ركزت هذه المجموعة بشكل رئيسي على المشاكل التقليدية للعلاقات الصناعية ، كما يدرس باكك طرقاً لتسهيل المفاوضات مع العملاء ، في حين يقوم مساعده تشارلز رومفورد ووكر بتوجيه الأبحاث حول تأثيرات التكنولوجيا على العلاقات الصناعية. كما يُخطط لدراسة العمليات الداخلية لمؤسسات الأعمال الدولية . بدأ علماء النفس كورت ليفين ودوغلاس ماكجريجور في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سلسلة من الأبحاث التي ستتضمن تجارب حية داخل المصانع.

بالإضافة إلى هذه المراكز الأربعة المنظمة ، التي تستخدم كل منها مجموعة كبيرة من الباحثين وطلاب الدراسات العليا ، يقوم علماء الاجتماع في جميع أنحاء البلاد بتوجيه مشاريع فردية: إليوت د. تشابل في هارفارد ، كونراد أرنسبيرج في بارنارد ، ويلبرت مور في برينستون ، وبعض الشبان الصغار الكليات.

قام علماء الاجتماع في هذا المجال بتأسيس قسم علم الاجتماع الصناعي داخل الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع ، وقام السيد شابل وأرينسبيرج وآخرون بتأسيس مجلة ( الأنثروبولوجيا التطبيقية ) التي تهتم “بالمشاكل العملية في هندسة الموارد البشرية”.

هناك أسباب عديدة لهذا التعاون المكثف بين الأعمال ( البيزنس ) والجامعات – وهي ظاهرة مثيرة للاهتمام بالنسبة لعالم الاجتماع المهتم بالوعي النفسي-

أولاً : قامت الجامعات بتدريب الباحثين المتاحين . ثانياً : هؤلاء الرجال يشكلون – على ما يبدو – مجموعة منفصلة ومحايدة ، والشركات لا تمانع من استخدام وجاهتها لصالح علاقاتها العامة  وكوسيلة للحصول على برامج الإدارة التي تقبلها نقابات العمال . من جانبهم ، لدى الأساتذة عمومًا أيديولوجية مجهزة عند الحاجة. كونهم علماء ، فهم مهتمون بـ “الشئ على ما هو عليه” ولا يميلون إلى إقحام أنفسهم في مسائل القيم الأخلاقية أو القضايا الاجتماعية الأوسع. فهم يعملون كفنيين ، ويعالجون المشكلة كما تُعطى لهم ، و لا يخرجون من الإطار الذي وضعه أربابهم في العمل.

كثيرون يعتبرون أنفسهم ” مهندسين موارد بشرية ” مماثلين للمهندسين الصناعيين: حيث يخطط المهندس الصناعي لتدفق العمل من أجل ضمان كفاءة ميكانيكية أكبر ، “مهندس الموارد البشرية” يحاول “ضبط” العامل على وظيفته حتى تتطابق المعادلة البشرية مع المعادلة الصناعية. ولتحقيق ذلك ، يسعى علماء الاجتماع إلى معرفة “قوانين” السلوك البشري المتماثلة مع قوانين العالم المادي ، وعلى العموم لا يفكرون كثيرًا في حقيقة أنهم لا يعملون في العالم المادي.

ويبدو أن أيًا منهم لا يهتم بحقيقة أنه بإمكان علم الاجتماع استكشاف طرق بديلة وأفضل لتفاعلات البشر ، أي : أكثر إنسانية ، وليس فقط جعل الطرق الموجودة أكثر كفاءة.

غرفة الغزل

 كل هذا النشاط في بحوث المصانع هو بفضل رجل واحد – Elton Mayo.

ولد الدكتور مايو في أستراليا في عام 1880 ، وجاء إلى الولايات المتحدة في عام 1923 كمساعد باحث في جامعة بنسلفانيا. وقد أجرى أول أبحاثه في مصنع الغزل و النسيج في فيلادلفيا (ورد ذكره في “المشكلات البشرية في الحضارة الصناعية” ، ماكميلان ، 1933 ، التي أعادت نشرها مطبعة جامعة هارفارد ، 1946). كانت مشكلته تتمثل في تحديد سبب تبادل أدوار العمل بين العمال على آلة معينة – “آلة الغزل” –  أعلى بخمسين مرة مما هو عليه في الآلات الأخرى أخرى في نفس القسم. واجتمع مهندسو الجودة ، وأدخلت العديد من خطط التحفيز برفع الأجور، ومع ذلك استمر معدل أدوار العمل في الارتفاع. في أجزاء أخرى من المصنع ، كانت الظروف تبدو جيدة. المعنويات كانت عالية. كان رئيس المصنع عقيدًا سابقًا في الجيش و قد كان كثير من العمال تحت قيادته في الحرب ، وكانت روابط الولاء الشخصي قوية.

لاحظ “مايو” أن الأجهزة في غرفة الغزل كانت مرتبة بحيث إن العمال القائمين عليها نادرًا ما كانوا يتواصلون مع بعضهم البعض. كان الرجال عرضة لنوبات من الهلاوس و أحلام اليقظة وأظهروا صفات سوداوية كئيبة.

استدعيت ممرضة كجزء من فريق التحقيق ، وطُلب من العمال أن يقصوا مشاكلهم عليها. بدت شكاوى العمال بالنسبة لمهندسي الجودة غير واقعية إلى درجة أن قصصهم قوبلت بالتجاهل.

الآن، بعد وجود من يتعاطف معهم و يستمع إليهم، بدأ العمال يعبرون عن اضطراباتهم ، كما حدد مايو فترتين للراحة خلال النهار. كانت النتائج مذهلة. تضاءل معدل العمل، وللمرة الأولى ، كان العمال في غرفة الغزل قادرين على تحقيق معايير الإنتاج التي وضعها القائمون على الدراسة.

في ذلك الوقت ، عام 1925 ، لم تفهم مايو بعد بالكامل سبب هذا التغيير. وكان دور الممرضة وتأثير فترة الراحة ليست سوى القرائن الأولى ، واستُخدمت في تجارب هوثورن الشهيرة.

تحت قيادة هوثورن

كان لدراسات هوثورن تأثيرًا عظيمًا على التحقيق الاجتماعي والنفسي. وكانت نتائج هوثورن هي  نقطة الانطلاق للأعمال اللاحقة أو لتعديل و ضبط مخططها المفاهيمي، ومعظم الكتابات في هذا الميدان تقبل استنتاجات هوثورن بالكامل. (صرَّح أحد المتحمسين أن تجارب هوثورن بالنسبة لعلم الاجتماع كقوانين السقوط الحر التي اكتشفها جاليليو بالنسبة للعلوم الفيزيائية).

تعد شركة Hawthorne Works في شيكاغو أحد وحدات التصنيع التابعة لشركة Western Electric. ، حاول مهندسو Western Electric تحديد تأثير ظروف الإضاءة المختلفة على الإنتاج ، كانوا يتوقعون بشكل طبيعي أن الإضاءة الأقوى تحقق إنتاجًا أفضل و الإضاءة الأضعف تعني إنتاجًا أقل ، لكن التجربة قوضت هذا الاستنتاج. اتبعت الشركة كل تعاليم المنهج العلمي بحذافيرها، كان هناك مجموعة تقوم بالتجربة ومجموعة تختص بالتحكم و الضبط و أُدخلت التغييرات في مجموعة واحدة فقط. ثبت أنه مع تحسن الإضاءة في الغرفة التجربة ارتفع الإنتاج – ولكنه ارتفع أيضًا في غرفة التحكم حيث لم تتحسن الإضاءة بعد. عندما أُضعفت الإضاءة في غرفة التجربة مرة أخرى استمر الإنتاج في الارتفاع. وفي غرفة التحكم ، حيث كانت الإضاءة لا تزال ثابتة ، استمر الإنتاج في الارتفاع أيضًا !

استدعيت مايو ودائرة البحوث الصناعية في هارفارد وبدأت سلسلة من التجارب التي كان من المقرر أن تستمر أكثر من تسع سنوات. (T. North Whitehead، The Industrial Worker، Harvard، 1938؛ F. L. Roethlisberger and W. L. Dickson، Management and the Worker، Harvard، 1938. يصف المجلد الأخير التجربة بالكامل ، ويحلل آثارها النظرية.)

وأجريت التجارب الأساسية ، التي استغرقت خمس سنوات ، في “غرفة اختبار المناوبات”حيث عملت ست فتيات في تجميع أجزاء من معدات الهاتف. صُممت الاختبارات للتحقق من الفرضية الأساسية التي تقول بأن الانتاج يختلف مع إجهاد العمال حسب معايير فيسيولوجية معينة.أُخذت العوامل التالية كلٌ على حده لمعرفة ما إذا كانت تؤثر على الكفاءة (الإنتاج) :
1-الإضاءة
2-ساعات الراحة في الليلة السابقة
3-دورة الطمث
4-الرطوبة ودرجة الحرارة
5-تغييرات في نوعية العمل
6-أيام العطل
7-فترات الراحة خلال عمل يوم في مدد مختلفة و بترتيبات مختلفة
8-تراكم التعب خلال النهار مقاسة باختبارات ضغط الدم واختبارات تورد الجلد
9-الذكاء
10-المهارة
11-حوافز الأجور من مختلف الأنواع.

لم يُعثر على ارتباط إيجابي بين أي من هذه العوامل وبين زيادة الإنتاج وهو الاعتقاد الذي كان سائدًا خلال هذه الحقبة كلها.

وبناءً على مؤشرات دراسة مايو السابقة ، فقد وُجد أخيراً أن العلاقات الاجتماعية أو الشخصية للمجموعة ككل كانت العامل الغير مقاس والمؤثر على الإنتاج. عندما سُمح للفتيات بالتحدث ، وعندما شعروا باهتمام المشرفين بهم = زاد الإنتاج. (في تجارب الإضاءة  كانت حقيقة أن العمال كانوا يعرفون أنهم اختيروا لغرض خاص – على الرغم من كونهم فقط أشخاصًا في تجربة ما – هي التي أدت إلى زيادة الإنتاج).

بمجرد معرفة أن العامل الاجتماعي مؤثر ابتُكرت تجارب جديدة. على سبيل المثال ، أُعيد ترتيب المقاعد للجمع بين الأصدقاء من العمال ثم بعد ذلك للجمع بين غير الأصدقاء منهم. تحسنت معدلات الإنتاج بعد هذه التغييرات.

واتباعًا لسبق آخر مستمد من تجربة مايو في فيلادلفيا = قُدمت الخدمة الاستشارية في جميع وحدات مصنع هوثورن مع تعيين محاورين مدربين للاستماع إلى شكاوى العمال. كان هذا سبقًا في طريقة الاستشارات “غير التوجيهية” التي وضعها كارل روجرز ، الموجودة حالياً في جامعة شيكاغو ، وأطلق عليها أحياناً اسم طريقة” أومهوم”(umhum) (كارل ر. روجرز ، الاستشارة والعلاج النفسي ، هوتون ميفلين ، 1942)

تُطرح الأسئلة فقط و لا تُقدم أي نصيحة مباشرة.يُشجَّع الشخص على التخلص من عبء شكواه بالكلام والتوصل إلى حل من خلال التنفيس اللفظي. يقوم المحاور فقط بتخفيف العبء من خلال “المحادثة” جنبا إلى جنب مع همهمات متعاطفة من حين لآخر.كتحقق من استنتاجات تجارب غرفة المناوبة بدأ المحققون دراسة حول غرفة بنك الأسلاك ( Bank Wiring Room) [غرفة صممت خصيصًا لهذه التجربة حيث وضعت الأسلاك في كل مكان لتسجيل كل ما يحدث] ، حيث ظل الإنتاج منخفضًا لمدة طويلة. في اختبار غرفة المناوبة لوحظ أن وجود مجموعة غير رسمية ذات تضامن مرتفع كان سببًا في زيادة الإنتاج. ومع ذلك ، ففي اختبار غرفة بنك الأسلاك كانت هناك مجموعة غير رسمية أكثر تضامنًا ولكن من الواضح أنها تعمل هنا على تقليل الإنتاج. وعلى الرغم من خطط حوافز الأجور =استمر المستوى المنخفض للإنتاج.

وفسر المحققون الوضع على النحو التالي: في غرفة بنك الأسلاك حددت طبيعة و سير العمل إيقاع العلاقات بين العمال، واعتمد الإنتاج على التعاون بسبب تداخل العمليات. احتسبت معدلات الأجور على أساس مزيج معقد من العمل الفردي والجماعي. وقد ابتكرت المجموعة رمز “البعبع” ، وهي علامة لا ينبغي أن يتخطاها أي عضو في المجموعة خشية أن يتعرض للخطر وقد قاومت الابتكارات التكنولوجية باعتبارها تهدد أمن المجموعة، وكان هذا على النقيض من اختبار غرفة المناوبة حيث قام كل عامل بعمله الخاص في استقلال يتناسب مع وتيرة العمل التي حددها الفرد.

ولكن عند تحديد عامل حساب الفرق النسبي في الإنتاج بين القطاعين، مع أخذ جميع العوامل البيئية في الاعتبار، يبدو أن المحققين قد تغاضوا عن بعض الاعتبارات الاجتماعية الأكثر انتشارًا. أليس انخفاض الإنتاج في غرفة بنك الأسلاك ناجمًا عن موقف “طبقي” مستمر تجاه العمال؟ إذا شعر الرجال بأنهم “عالقون” بشكل دائم في هذه الوظائف فإن أول فكرة لهم ستكون حماية أنفسهم.

لا تعتبر النساء العمل في المصانع عملاً مدى الحياة ، إن تفكيرهم بالمنزل والزواج يجعل من المرجح أن تحفزهم بيئة العمل “السعيدة” على العمل بجدية أكبر من أجل كسب المزيد.

 الحاجة للتضامن

على الرغم من عدم وجود أي دراسات قابلة للمقارنة مع دراسات هوثورن في النطاق ، والتفاصيل المملة ، وعدد الكلمات الهائلة ، قامت مجموعة مايو برعاية 12 دراسة أخرى على نفس المنوال. (وهي مدرجة في أحدث كتاب للدكتور مايو ، “المشكلات الاجتماعية للحضارة الصناعية” ، جامعة هارفارد ، 1946).

ومن الأمثلة الجيدة لتطبيق مفاهيم هوثورن على مشكلة عملية واجهها في زمن الحرب إلتون مايو وجورج ف. ف. لومبارد في العمل الجماعي وتناوب العمالة في صناعة الطائرات في جنوب كاليفورنيا (هارفارد ، 1944).

على الرغم من ظروف العمل الجيدة ومعدلات الأجور المرتفعة ودافع الوطنية  كان معدل التغيب و تبادل الأدوار في العمل يعوق الإنتاج في مصنع الطائرات محل الدراسة. وقد وجد أن الرجال في تلك الأقسام ،ذات أدنى نسبة تغيب، لديهم خلفيات ومهارات مماثلة لتلك الموجودة في الإدارات التي كانت فيها نسبة التغيب أعلى. ومع ذلك ، ففي الإدارات ذات معدل تبادل منخفض نظم الرجال أنفسهم تلقائيًا في فرق متماسكة تجمعهم “قادة الفرق الطبيعية”. بينما تعامل رئيس العمال مع التفاصيل الفنية لوضع العمل، ساعد قائد الفريق أفراد العمال على حل مشاكل العمل ومثل حاجزًا بينهم و ” العالم الخارجي” من المفتشين و أخصائيي إدارة الوقت وموظفي الإدارة. لقد أبدى اهتمامه بالعمال الجدد ، وقام بتجميل علاقاتهم مع كبار السن وأدخلهم في جو في العمل ومشاكله. قل معدل التبادل وتلاشى معدل التغيب المرتفع في المنطقة التي نشأت فيها هذه المجموعات.

كان استنتاج مايو أن السلطة التنفيذية كان عليها أن تفكر في قوة العمل في فرق وليس كأفراد معزولين. وكتب: “إن الاعتقاد بأن سلوك الفرد داخل المصنع يمكن التنبؤ به قبل العمل على أساس فحص دقيق وشاق واختبارات قدراته الفنية وغيرها من القدرات = اعتقاد خاطئ تمامًا”(1).

وكنتيجة لدراسات هوثورن ودراسات لاحقة على نفس المنوال ، تخلصت مجموعة مايو من الفرضيات القديمة لعلم النفس الصناعي التي تُرجع اختلاف الإنتاج إلى التعب و الإجهاد وقد تمكنت من وضع بعض “الأطر النظرية” لتوجيه البحوث المستقبلية:

1- يجب أن يُنظر إلى المصنع باعتباره نظامًا اجتماعيًا، وتحديد العلاقات بين أفراده ليس فقط من خلال البنية المنطقية الرسمية، بل أيضًا من خلال البنية غير الرسمية والمراسم والطقوس والمشاعر غير المنطقية التي تحفز السلوك. لا يمكن عزل العامل من وضعه الاجتماعي.

2-لا تتمثل وظيفة السلطة التنفيذية في وضع السياسة فحسب ، بل في ضمان و تأكيد قبولها من قبل المرؤوسين. نظرًا لأن البشر عادةً ما يقاومون التغيير ، فإن قبول التغيير ينطوي على ترجمة الأوامر إلى مصطلحات تتحايل على هذه المقاومة. يجب “بيع” البرامج للعمال كما يتم “بيع” المنتج للجمهور.

3-يجب النظر إلى نظام المصانع ، شأنه شأن أي نظام اجتماعي مستقر، على أنه يميل نحو التوازن الذي يتم فيه ضبط أجزاءه المختلفة وظيفياً حتى تتلاءم مع بعضها البعض. عندما يؤدي التغيير إلى اضطراب التوازن ، فإن وظيفة السلطة التنفيذية هي مراقبة الأجزاء التي تحتاج إلى تعديل و ضبط من أجل تصحيح التوازن. (يأتي مفهوم التوازن هذا من عالم الاجتماع الإيطالي فيلفريدو باريتو ، الذي أثر بشكل كبير في مجموعة مايو).

 اعتراف الشخص

بينما ركزت دراسات مايو إلى حد كبير على طبيعة المجموعة غير الرسمية في المصانع وظهور “القادة الطبيعيين” ، ركزت الدراسات التي أخرجها لويد وارنر في لجنة العلاقات الإنسانية في جامعة شيكاغو على مشاكل الوضع/المكانة داخل المصنع ، وعلاقة حياة العمل بالحياة الاجتماعية. هذا هو الإطار  المنظم لعدد من الأوراق البحثية العامة التي ستنشرها اللجنة قريبًا (وليام إف. وايت ، محرر ،الصناعة والمجتمع ، مكجرو هيل )(2).

لويد وورنر ، عالم أنثروبولوجيا تلقى تدريبه في جامعة هارفارد ثم درس في وقت لاحق هناك ، هو مؤلف سلسلة يانكي سيتي ، وهي محاولة يفحص من خلالها الانفصال الأنثروبولوجي عن الحياة الاجتماعية والنظام الطبقي والتجمعات العرقية وتنظيمات المصانع في مدينة انجلترا الجديدة. (انظر “يهود مدينة يانكي” (بالإنجليزية) ، بقلم هارولد أورلانسكي ، في تعليق يناير / كانون الثاني 1946.) ظهر بالفعل ثلاثة من مجلداته الستة المتوقعة ؛ الرابع ، عن نظام المصنع ، سوف تظهر قريبا.

في ورقته حول حياة المصنع في الصناعة والمجتمع ، يقدم تصورًا عن حجم مدينة يانكي القادمة ، يسعى الدكتور وارنر إلى شرح سبب إضراب عمال المصانع في مدينة يانكي ، الذين كانوا قد قاوموا النقابات في السابق . (بالمناسبة ، يسعى الدكتور وارنر لإثبات أن الحتمية الاقتصادية لا يمكن أن تفسر تصرفات العمال. غير أنه-مثل غيره من علماء الاجتماع الأمريكيين-يرقم على ماء، ففكرته عن الحتمية الاقتصادية مستمدة من العالم حسب مفهوم بنتام حيث يعمل كل شخص على أساس المصلحة الذاتية المادية ؛ الفكر الماركسي ما هو إلا شكل مختلف من المادية)

كانت ملكية وإدارة مصنع مدينة يانكي متجذرة منذ فترة طويلة في المدينة. كان للعمال بعض السيطرة على ممارسة حرفتهم ، وبعض الاعتزاز بها ، وكانت العلاقات بين الإدارة والعاملين مباشرة.ثم اشترت مجموعة نيويورك المالية المصنع. وقد جعل الترشيد التكنولوجي الذي أدخله الملاك الجدد مهارات العمال عديمة الجدوى ، حتى “نسوا اعتزازهم بوظائفهم المنفصلة” ، في حين أدى إدخال إدارة الغياب و الحضور إلى تدمير الولاءات الشخصية التي وحدت المصنع. يُنظر إلى فقدان التضامن وضياع المكانة كمفاتيح للضربات التي جاءت بعد ذلك كنتيجة حتمية.

 “الاعتزاز” والمكانة

في دراسة أخرى في شيكاغو ، بعنوان “العامل بين طرفين: المكانة ومشاكل رئيس العمال” (ب. غاردنر وويي وايت ، الأنثروبولوجيا التطبيقية ، ربيع 1945) ، نرى كيف أن مفهوم المكانة قد ساعد في تقديم إجابات عن المشاكل الصناعية العملية. وهنا تكمن مشكلة عدم الرضا المتزايد بين العمال ، ويعبرون عن ذلك من خلال الإضرابات والنقابات. ما الذي وراء هذا الانشقاق عن المجموعة التي كانت تعتبر دوماً محل ثقة من الإدارة؟

في الشركات الكبيرة، تُنفذ وتُطبق القرارات السياسية التي تتخذها مجموعة صغيرة في الأعلى من قبل مجموعة من الأشخاص مرتبون بشكل هرمي (طبقي)، كل منهم له مجال مسؤوليته الخاص. الرجل الأكثر تأثيرًا هو رئيس العمال. عليه أن ينقل أوامر الإدارة إلى العمال ، وأن يجد آليات لإجراء التعديلات ، وأن يرسل شكاوى العمال إلى الجهات الأعلى. وعندما زادت مسؤولياته عن الإنتاج تقصلت سلطته. ومع تكاثر المشرفين و المراقبين عليه = تقل فرصه في التقدم بسبب زيادة المتطلبات العلمية و الثقافية. إن نقل إدارة التوظيف والفصل إلى مكاتب الموظفين المنفصلة و تسارع التغير التكنولوجي … كلها تهدد بجعل قدراته الخاصة عتيقة لا قيمة لها ، لا يجد رئيس العمال صعوبة في ضبط العمال مع عملهم فقط ، بل تنامت لديه المخاوف حول مكانته الخاصة. ومن هنا جاءت ظاهرة النقابات العمالية.

يقترح الباحثان خطوتين لاستعادة دور ومكانة رئيس العمال. أولاً ، يقترحون أن وظيفته يجب أن تكون الآن لبناء “فريق عمل”. وهنا يجب عليه أن يمارس بعض المهارات الاجتماعية: يجب ألا يكون تعسفياً أو متهورًا ؛ يجب أن يأخذ المبادرة ولكن لا يكون متعجرفًا. يجب عليه تشجيع النشاط الاجتماعي ، لأن العمال يريدون فرصة للرد والحصول على التقدير ؛ ويجب أن يصبح شيئًا من قبيل المستشار والصديق. بمعنى آخر يريد الباحثون أن يتولى رئيس العمال الدور أسماه فرويد “الوصي” – وهو جانب مثير للاهتمام عن أهمية الاعتماد على الأب في عصرنا.

وثانياً ، يقترحون فتح خطوط اتصال أكثر فعالية بين الجهات العليا و العمال، وإعطاء العمال وسائل نقل المظالم إلى السلطات المختصة ، وتمكين رجال الأعمال من إرسال التوجيهات بذكاء أكبر.مثلما يجب على رئيس العمال كسب ثقة عماله ، يجب أن تكسب الإدارة العليا ثقته. في كلتا الحالتين ، لا يعني التواصل الفعال إعطاء الأوامر بل المناقشة المتبادلة. لقد اكتشف دارسو الهيكل الاجتماعي للمصنع أن الناس سيعملون برغبة وفعالية أكثر عندما يكونون قد أخذوا عل عاتقهم مهمة – أو على الأقل كانت لديهم فرصة للحديث عنها – مما لو كانوا قد أمروا بتنفيذها.(إن أي شخص على دراية بنظرية التعليم التقدمي لن يجد سوى القليل من الجديد في هذه الفكرة ، ولكن الأمر يتطلب من الأكاديميات وقتا طويلا لمواكبة ، ومن المصانع فترة أطول).

 صراع المكانة أم الصراع الطبقي؟

استندت الدراسات الموصوفة حتى الآن إلى حد كبير على افتراض أن العلاقات المباشرة بين الإدارة والنقابة والإدارة والعاملين ستؤدي إلى السلام و الوئام. لقد أجريت محاولات قليلة لدراسة كيف تؤدي الاختلافات في الدور الاجتماعي في المصنع إلى اختلافات أيديولوجية وتخلق نزاعات بين العمال والإدارة و هي الأكثر تأثيرًا من أي مسألة تتعلق بالإدارة المعيبة أو غير الذكية. تعد هذه الدراسة أحد المحاولات الأولى ، وبسبب أن هذا الإنجاز له وزنه في هذا المجال وعلى الرغم من بعض الصعوبة في الصياغة ، أُجريت الدراسة من قبل ثلاثة باحثين في شيكاغو ، “إعاقة الإنتاج والانقسام الاجتماعي في الصناعة” (أورفي كولينز ، ميلفيل دالتون ، ودونالد روي ، الأنثروبولوجيا التطبيقية ، صيف عام 1946.)

“إعاقة الإنتاج” هو مصطلح غامض من الواضح أن بعض مستويات الإنتاج “طبيعية” ، وأن العمل يرتكب جريمة بعرقلته للإنتاج. في الواقع ، يتحدد مستوى الإنتاج الثابت كالمعتاد من قبل السوق وعلى أساس مفهوم الكفاءة الميكانيكية والفسيولوجية. من وجهة نظر العمال ، قد لا يشكل “المعيار” “يوم عمل نزيه/متفانٍ” على الإطلاق.

في الماضي ، كانت الممارسات المعوِّقة للإنتاج تعتبر وسائل عملية للحفاظ على الوظيفة من خلال تقسيم و توزيع العمل. ولكن خلال سنوات الحرب ، ومع وجود العمل الكافي للجميع ، وساعات العمل الإضافي ، لا تزال الممارسات المعوقة مستمرة. هل هذه مجرد تقاليد متحجرة؟

يتناول المؤلفون المشكلة من منظور الانشقاق الاجتماعي بين مجموعتين منفصلتين ، مع المديرين والمهندسين من جهة ، والعمال من جهة أخرى. وخلف المجموعتين إطاران مختلفان من القيم. تنتقد الإدارة الممارسات المعوقة في أخلاقيات الطبقة الوسطى: وظيفة الرجل هي العمل بجد ، العفوية تشكل خطرًا لأنها تدمر الحسابات الدقيقة للكفاءة ، يجب على العامل اتباع إيقاع الآلة.

العمال لديهم أخلاقيات مختلفة ، وهم يتحدون معاً لحماية أنفسهم. لا يتتبع الباحثون الدافع وراء هذا ، لكن من الواضح نوعًا ما أن عدم تحكم العامل في تخطيط و إيقاع عمله جعله لا يستطيع أن يفكر في نفسه كرجل له “حرفة” ولكنه مجبر على الاعتراف بأنه أجير ؛ ثم يصبح من المعقول تماما وما يمليه الواجب “الأخلاقي” أن يكون ولاءه الأساسي لجماعته ، وأنه ينبغي أن يتعاون لتحقيق أفضل ما في الصفقة غير المتزنة بين المجموعة و الإدارة. ومن الجدير بالذكر أن مؤلفي هذه الدراسة يشيرون إلى أن موقف العمال من إعاقة الإنتاج متجذّر في الشعور بأن فرص الصعود إلى الأعلى أصبحت الآن محدودة أكثر ، وأنهم “عالقون” بشكل دائم في كونهم عمالًا.

يدرج المؤلفون الاستنتاجات الرئيسية لدراستهم على النحو التالي:

1- يعكس تقييد الناتج تضاربًا في المكانة بين المكتب والمتجر. المهندسون الذين يأتون إلى المتجر لإصلاح العادات و الأفكار هم من الخارج ، “و هم رمز لمجموعة اجتماعية وظيفتها الرئيسية في المصنع هي التلاعب بالعامل”.

2- إعاقة أو عرقلة الإنتاج هو تعبير عن الاستياء من الإدارة. تسعى إدارة المصانع إلى تكريس وقت العمال بالكامل لخططها الخاصة ، بما يتماشى مع مفهوم الكفاءة الخاص بها.

3-عرقلة الإنتاج هو تعبير عن الانشقاق في الأخلاق الاجتماعية. يميل المهندسون إلى الاعتقاد بأن الفرد يجب أن يهتم بمصالحه الاقتصادية الخاصة ويتابع مسيرته المهنية على حساب زملائه. بينما يستشعر العمال أن الحراك الاجتماعي المتصاعد قد توقف ، وأنهم ينتمون بشكل أو بآخر إلى مجموعات عملهم ، ويحددون مصالحهم مع تلك المجموعة.

هل يعني هذا أن التعاون بين العمال والإدارة لزيادة الإنتاج محكوم عليه بالفشل؟ قد تقدم دراسة لشركة “X” الصناعية من قبل Whyte و Gardner إجابة جزئية. (لا تزال هذه الدراسة مخطوطة في جامعة شيكاغو.)

كانت الشركة “X” معادية بشدة للنقابة حتى عام 1941 ، عندما عكست سياستها ، بعد أن أصبحت مقتنعة بأن الاتحاد مهتم بزيادة الإنتاج. وقد ضمنت الإدارة استقرار النقابة ، وتولت النقابة بدورها مهمة الحفاظ على الانضباط ، تاركة رئيس العمال للتركيز على المشكلة الفنية المتمثلة في تحديد مسار العمل. قال رئيس الشركة ” لقد تعلمت أن العامل يتأثر بما يفكر به زملاؤه أكثر من تأثره بتهديده بالطرد إذا لم يفعل ما تقوله الإدارة”(3).

فشلت محاولة لإدخال العمل بالقطعة والحوافز الفردية واستُبعدت من الحسابات بسبب المنافسة و روح الانتقام الذي أشعلتها. كان التضامن بين العمال ، ودور الاتحاد في الحفاظ على معنويات عالية = أكثر فعالية في زيادة الإنتاج.

في غرفة بنك الأسلاك في هوثورن وفي دراسة الانقسام الاجتماعي المقدمة للتو ، أدى التضامن الجماعي إلى عرقلة الإنتاج. هنا ، كانت نتيجة التضامن هي عكس ذلك. قد تكون عوامل مختلفة مسؤولة عن هذا. في شركة “X” ، وفر وجود نقابة قوية الحماية والأمن ، في حين لم يكن هناك اتحاد في غرفة بنك الأسلاك ، وفي حالة الانقسام الاجتماعي ، لم يكن للاتحاد علاقات وثيقة مع الشركة.ولعل الأهم من ذلك هو حقيقة أن الشركة “X” صغيرة نسبياً ، مما يسمح للعامل بتعريف نفسه بها ، خاصة وأن النقابة كانت تحمي مكانة العامل وكانت في حد ذاتها قريبة جداً من الإدارة. وأخيرا ، لم يكن هناك تراكم لأرباح ضخمة يثير الضجر.(4)

تسهيل التغيير التكنولوجي

ثمة صعوبة أخرى يواجهها صاحب العمل – وعالم الاجتماع – وهي مشكلة إدخال تغييرات تكنولوجية. كان البحث في هذا المجال مدفوعًا و موجهًا بالكامل بالرغبة في تمهيد الطريق للتغيير.نادراً ما تكون الحاجة إلى التغيير نفسه موضع تساؤل عالِم الاجتماع ، أو تقييم آثار هذا التغيير ؛ يكفي أن تكون هذه الحاجة متماشية مع سياسة الشركة. ولذلك ، فإن الأبحاث تُعنى أساسًا باستنباط تقنيات للقبول بالتغييرات المزمع عملها. (آر سي نيمان وإد سميث ، اتحاد التعاون الإداري في الإمتداد التدريجي ، ييل ، 1938 – تحليل للإضراب الشهير Pequot Mills ؛ إليوت دونلاب سميث ، التكنولوجيا والعمل ، ييل ، 1939 ؛ إليوت دونلاب سميث ، “إدارة التغيير التكنولوجي “الموظفين ، مايو 1946)

في هذه الدراسات ، الافتراض الأساسي هو أن العمال يخشون التغيير التكنولوجي لأنه يزعزع أنماط عملهم القديمة. وبالتالي يمكن للمرء أن يفوز “بتأييدهم” من خلال مناقشة التغييرات معهم مسبقاً . يصف مستشارو العلاقات الإنسانية اجتماعات الطاولة المستديرة والمؤتمرات و المحاضرات ، وبعض التقنيات الأكثر تفصيلاً التي تهم العمال. وُضعت قوائم مرجعية طويلة لإنقاذ الإدارة من ارتكاب الأخطاء. ومع ذلك ، بعد كل هذا ، نادراً ما تؤخذ وجهة نظر العمال على محمل الجد.

يُعتقد بشكل عام أن التغييرات التكنولوجية تحافظ على المدخرات عن طريق تشريد و فصل العمال. في الحقيقة إن الاقتصادات الحقيقية تُبنى عن طريق تخفيض نسبة العمال ذوي المهارات الأعلى أجراً ، في حين أن العدد الإجمالي للموظفين لا يزال هو نفسه أو يزيد. ومع إدخال نظام النول (المنْسَج) المتعدد في صناعة النسيج ، على سبيل المثال ، زادت نسبة العمال غير المهرة في معظم المصانع من 20 إلى 52 في المائة. وفي الوقت نفسه ، تغيرت تركيبة القوة العاملة ، لأن المراهقين يمكن أن يؤدوا الوظائف التي تتطلب المهارة فقط بسهولة أكبر من العمال ممن هم في منتصف العمر.وإذا بقي العمال كبار السن فسيجدوا أنفسهم يقومون بالعمل الذي كانوا يعتقدون من قبل أنه دون مستواهم. كما أن المتطلبات المبسطة والروتينية للوظيفة الجديدة تعني أيضًا تغيير نوع الشخصية المطلوبة. يصف مراقب الوضع في المنسوجات:

“يجب أن يكون الحائك[الخياط] أكثر صبراً ، وقادرًا على التركيز، حيث إن العمل الروتيني لملء بطاريات النول مع البكرات لم يعد يعطيه راحة من العمل الدقيق الذي يشاهده وهو يراقب السداة  لمنع توقف النول وربط نهايات الخيوط المقطعة ، يبدو أن النوع العصبي من العمال يجدون النظام الجديد مرهقًا جدًا “.

من الواضح أنه يجب التخلص من العمال العصبيين.

 تثير هذه المشاكل أسئلة أكبر حول افتراضات وقيمة بحوث العلاقات الإنسانية في المصانع.

بين المدير و العامل

لعل الإنجاز الأهم لهذه الدراسات ، وغيرها من الدراسات التي لم نتمكن من مناقشتها ، هو أن المزيد من الباحثين تحدثوا في مسارهم مع عدد أكبر من العمال واستكشفوا حالات في المصانع أكثر من أي تحقيقات أخرى في السنوات الخمسين الماضية. كمية المواد العلمية التي تراكمت لديها بالفعل هائلة. ومع ذلك يصدم المرء بقلة الاستنتاجات. والسبب في ذلك هو أنه لا يوجد أحد قد اقترب من هذه المادة متسلحًا بفرضيات أساسية حول طبيعة نظامنا الصناعي. بدون فرضيات عامة يقوم الباحثون فقط بالتعبير عن الحالة في إطار مصطلحات علم النفس ، مؤكدين أن العمال “يشعرون” بهذا ، أو أن الإدارة “تشعر” بذلك. لا توجد رؤية للإطار المؤسسي الأوسع لنظامنا الاقتصادي الذي تنشأ فيه هذه العلاقات ويكون لها معنى.

على مدى السنوات العشرين الماضية ، كانت أمريكا تمر بثورة اجتماعية عميقة ، وإعادة هيكلة للطبقات لازالت في طور النمو و لم تظهر ملامحها إلا الآن (5). وكنتيجة للتعقيد المتزايد للصناعة ، وتوسع نطاق دور البحث ، واستحداث سبل جديدة في الخدمة العامة ، وتحول الوظيفة العامة بعيداً عن التصنيع نحو الخدمات والتجارة ، فقد ظهرت طبقة اجتماعية جديدة: فئة الموظفين التقنيين و الإداريين. من ناحية أخرى ، في أوساط الطبقة العاملة ، عملت التطورات التكنولوجية على تقويض مكانة العامل الماهر واستبدال القوة العضلية الخام للعامل اليدوي البحت ، وخلق فئة عامة من مشغلي الآلات ذوي المهارات العضلية الأقل.

وهكذا أصبح قبول “الأيدي العاملة” للتغيير و الاستبدال في المصنع = حقيقة واقعة ، ولم يتحقق “وعد” نظام المصنع ، كما وصفه ماركس ، إلا الآن. في الوقت نفسه تنخفض نسبة الطبقة العاملة الصناعية في الولايات المتحدة في إجمالي القوة العاملة.

وهذا يخلق مشكلة غريبة في الحراك الاجتماعي: فقد تضاءلت فرص الاعتماد على الذات أو الارتقاء إلى القمة بالمجهود الذاتي ، ومع ذلك هناك المزيد من الوظائف التي تحتاج إلى المهارة التي تحتل مكانة أفضل من أي وقت مضى. لكن هذا على وجه التحديد هو جوهر المشكلة : تتطلب هذه الوظائف الفنية أو الإدارية الجديدة درجة من المهارة التي لا يمكن تحقيقها إلا بالتعليم الطويل، وما لم يبدأ الشخص في الترقي على السلم الاجتماعي في وقت مبكر فقد لا يترقى أبداً.

هذا هو الوضع الذي يواجهه العامل اليوم. بسبب الاكتئاب وزيادة التخصص في العمل تتسع الفجوة بين مجموعة الحرفيين المهرة و مشغلي الآلات (لا يوجد مشغلو الآلات بين العمال الحرفيين فقط ولكن بين العمال ذوي الياقات البيضاء أيضاً [من يقومون بوظائف ذهنية أو إدارية] نظرًا لأن الآلات التجارية الجديدة تهدد دور عامل المكتب أيضًا ). إن انعدام الأمان بالنسبة لأصحاب المهارات في عالم يعتمد على المهارات اعتماد كلي كأساس للمكافأة = أصبح الآن الحقيقة الرئيسية في حياة الجماهير ، والعامل يميل أكثر فأكثر إلى بناء مواقفه على افتراض أنه – وابنه – سيبقيان في الطبقة العاملة.

من هذا التحليل للحالة المؤسسية – وهو تحليل لم يقم باحثو المصنع بعمله – تظهر بعض الأسئلة والمقترحات الجديدة. قد يتطلع المرء إلى تطوير نوع من روح المنافسة أو التشدد بين العمال و ليس بالضرورة أن يكون تعصبًا سياسيًا في لهجته أو دافعه ، ولكن من المحتمل أيضًا أن يكون معاديًا للسامية أو مناهضاً للنيجرو أو عدميين. مرة أخرى ، يمكن للمرء أن يبحث عن بدايات علم نفس النخبة في المجموعات الفنية والإدارية ، ربما يجد نوع الأشخاص التي لعبت هذا الدور المهم في الحركات و الاجتماعيات. ويمكن أن تتضح مفاهيم “التضامن الجماعي” و “المكانة” ، التي برزت كعوامل أساسية ، في إطار هذا المنهج وتحديد آثارها على الفهم والعمل بشكل أكثر دقة. (وبالمناسبة ،قد ينفع هذا المنهج بشكل أكبر أولئك المهتمين بالمستقبل الاجتماعي لديمقراطيتنا ، وليس فقط المهتمين بزيادة إنتاجية الآلة الصناعية).

يشعر المرء وراء رفض تبني هذا النهج بازدراء لما يسمى “بعلم الاجتماع التنظيري” ، أو لأي شيء لا يتعلق بالبحوث التجريبية الصارمة التي تنطوي على جهاز إحصائي هائل. رغم أن الباحثين في هذا المجال غالباً ما يظهرون غطرسة مدثي النعمة تجاه النظرية ، فإن علمهم يملؤه قدر كبير من الكتابة الباطلة التي لا معنى لها والإسراف والكثير من هذه الكتابات مستوحى من النظام النظري الذي استولوا عليه من باريتو. يُعرَّف كل عمل بدلالة التوازن في ضوء هذه النظرية. أُعد نموذج يخضع لقوانين نيوتن تتعادل فيه القوة والقوة المضادة ، الفعل ورد الفعل ، بطريقة البندول لإنشاء “قوانين السلوك”. في نظام ثابت بنقاط ثابتة ، قد يكون هذا مفيدًا ؛ ولكن من المشكوك فيه ما إذا كان هذا المقياس الميكانيكي مفيدًا حقًا لتحليل الهياكل الديناميكية.

هل العمال آلات؟

على الرغم من ادعاءاتهم حول الموضوعية العلمية ، فإن هذه الأبحاث تعتمد على الافتراض غير المعلن بأن الكفاءة الميكانيكية والانتاج العالي هما المعيار الوحيد لاختبار إنجاز النتائج “الجيدة”. لا توجد دراسات لمعرفة ما هي أنواع الوظائف التي يمكن أن تحفز عفوية وحرية العامل ، وكيف يمكننا تغيير أساليبنا الصناعية لضمان وجود هذه الوظائف. يُقبل التنظيم الحالي للإنتاج الصناعي اللاإنساني كما هو و يعامل كما لو كان “معطى” لا يمكن تغييره. ويميل علماء الاجتماع إلى العمل على الافتراض السلوكي بأن الإنسان هو مجموعة من ردود الفعل المشروطة التي تقبل التغير على المستوى النفسي حسب الموقف. لكن من الممكن أن يكون سعار “ترشيد” المعيشة (ترشيده من أجل كفاءة أكبر) الذي ينتشر في جميع المناطق ويقلص جميع الخيارات = هو نفسه السبب الرئيسي للضغوط والانهيار في الحياة الاجتماعية التي ينتقدها الجميع.

واحدة من أكثر الإغفالات اللافتة للنظر في جميع هذه الأبحاث هو عدم ربط مشاكل العمل والترفيه. إذا طلب المرء من العامل أن يقول شيئا عن وظيفته فقد يكون الرد: “كل شيء على ما يرام”. ولكن إذا دقق أحدهما وراء هذا ظاهر هذا الكلام ، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كان العمل يساهم بأي شيء في شغل وقت الفراغ. وربما نعثر على علاقة ضئيلة. ومع ذلك ، فإن الرضا الوظيفي الحقيقي لا يأتي إلا عندما يتخلل العمل والترفيه بعضهما البعض. ينشأ الشعور بالكمال الذي يرتبط به المرء مع الطبقة الحرفية القديمة ، ومع الشخص المهاري اليوم ، عندما لا يمكن التمييز بين وقت العمل والترفيه. اليوم ، في تجزؤ الحياة المتزايد فإن عالم المصنع هو حياة على وتيرة واحدة ، العالم الخارجي شئ آخر ، ونجد تجميع لوقت الوظيفة في مجال واحد وتجمع لوقت الترفيه في مجال آخر.

هناك افتراض آخر غير مصرح به يكمن في الميل المستمر لطرح مشكلة التناغم الصناعي في ضوء صعوبات التواصل. من المفترض أن الناس لا يفهمون بعضهم البعض بسبب الجلاميد العاطفية أو العادات اللفظية العتيقة ، أو لأن قضايا المشاعر والمكانة متأزمة. (هذا الأمر له نظيره في النظرية القائلة بأنه يمكن إقامة سلام دائم إذا كان من الممكن جعل الدول “تفهم” بعضها البعض). لكن العلاقات الصناعية – مثل العلاقات الدولية -لم تعد مشكلتها في إنشاء منظمة تعمل بسلاسة. مشكلة استيعاب المصالح المتنوعة والمتضاربة ، وهذه المصالح حقيقة واقعة. على سبيل المثال ، لا يمكن التعامل مع مسألة كيفية توزيع الدخل المتزايد الناتج عن زيادة الإنتاج على أنها مشكلة سوء تفسير لفظي.

وقد أكد أحد علماء الاجتماع أن الصناعة يمكن أن تعمل بشكل أفضل عندما يكون هناك توازن بين الضغوط الدافعة و المثبطة – أي عندما تكون سلطة الإدارة متوازنة مع احتياجات العمال ومقترحاتهم. لكن الصناعة ليست نظام يحكمه العقل و المنطق المجرد حيث توجد المشاكل التنظيمية فقط. تعمل الصناعة في إطار من عوامل التكلفة ، وكل خطوة تتخذها – بما في ذلك توظيف علماء اجتماع البحوث – تحكمها هذه الشروط. عندما تفصل الشركة عاملًا لكبر سنه وعدم قدرته على تلبية معايير الإنتاج ، فإن عامل التكلفة هو المسؤول. قليل من الأبحاث التي ناقشناها ،مع مراعاة أنها تعمل على تسهيل الأمور كيفما اتفق، تُظهر في الواقع أن أي فهم لسلسلة عدم المسؤولية التي تشكل خط الأمر في الصناعة أن كل عامل على طول هذا الخط مسؤول عن تنفيذ سياسة لا يد له في تشكيلها ، و مطلوب منه أن “يبيع” لمن هم دونه أو يفقد وظيفته.

 تتخذ القرارات السياسة الحقيقية من قبل عدد قليل في الإدارة غير عابئين بالعمال بل بالتكلفة والكفاءة والمنافسة. إن أحد آثار التغير التكنولوجي ، على سبيل المثال ، هو تخفيض العمال ، وتغيير التكوين العمري للقوى العاملة ، وإدخال المزيد من النساء إلى المصنع ؛ ولكن تُجرى هذه التغييرات دون أي اعتبار لتأثيراتها النهائية بعيدة المدى. العوامل الوحيدة المتحكمة هي قرارات السوق.

يجب أن ننظر أيضا في المفهومين الثنائيين في هذا البحث – دوافع المكانة ودوافع التضامن. لم تُعرَّف هذه المفاهيم و لم تُدرس تداعياتها بالكامل. لقد قيل أن برامج الحوافز المالية لا تحفز العامل بقدر ما تحفزه الاعتبارات الشكلية مثل المقارنة الغير عادلة بين رتبة وظيفية معينة والأعلى منها ،و زخارف المكتب التي يتمتع بها فرد واحد فقط ، وما إلى ذلك. قيل أيضا أن تضامن المجموعة هو العامل الذي يجعل من الممكن زيادة الإنتاج ، أو يتحكم في معدل العمل.

وقد استخدم المفهومين باستهتار كبير. من المرجح أنه في صفوف العمال ذوي الياقات البيضاء أو في المناصب الإشرافية العليا وبين صفوف الإدارة = يكون دافع المكانة هو السائد ، بينما يكون العامل التضامني أكثر فائدة في تفسير أفعال العمال. ولكن هناك حاجة لمزيد من الدراسات المباشرة لتوضيح هذه الدوافع وتحديد الشروط التي تنتج كل منها.

إن أخطر تهمة يمكن توجيهها ضد هذه الأبحاث هي أنها تستخدم مفهوم الصناعة الخاص عن العمال دون هوادة كوسيلة للتلاعب بهم أو تغييرهم لتحقيق غايات غير شخصية. إن الإيمان بالإنسان كغاية في حد ذاته قد محته الآلة ، والعلوم الاجتماعية لدى الباحثين في المصانع ليست علوم إنسانية ، بل علم اجتماع للبقر. كتب بيرلي غاردنر: “كلما زاد رضا العامل ، كلما زاد تقديره لذاته ، كلما كان سعيدًا أكثر ، وبالتالي يصبح أكثر كفاءة في ما يقوم به”. بالتأكيد هذا النوع يتلاءم مع الفصيلة T في رواية ألدوس هكسلي (عالم جديد شجاع) .

أحد الحقائق المذهلة حول هذا المجال العلمي الذي أنتج الكثير من المواد في السنوات القليلة الماضية هو مدى ندرة ذكر اسم ثورستين فيبلين في أدبياته. ولعل هذا ليس صدفة ، لأن ذلك البروتستانتي الفذ الذي استطاع أن يكسر قيود التقليد القوية و يخرج من قوقعة العادات =هو أكثر العقول اللامعة التي خرجت من كهوف عالمنا الصناعي. ربما تكون هذه الأبحاث في حد ذاتها توضيحاً لملاحظة فيبلين حول تطور الأخطار المهنية و “العجز المدرّب” الذي يشجعونه.

اقرأ ايضاً: التعلم المستمر، متى سيشب عن الطوق؟ “الثورة الصناعية الرابعة”

الهوامش

1- أصبحت أهمية الفرق في المناورات الجوية حقيقة معترفًا بها في العلاج النفسي الألماني – على النقيض من الأساليب الأمريكية السخيفة إلى حد ما. في أسراب الطيران الأمريكية ، عندما يعتقد طبيب سلاح الطيران أو الطبيب النفسي الميداني أنه من المرجح أن ينهار الطيار فإنه يُسحب من مجموعته ويُرسل إلى منطقة نائية للراحة. غالباً ما يبدأ الطيار الذي أخرج من المجموعة بالشعور بالعار و نظرة الاحتقار في أعين الآخرين ، بينما يشعر الآخرون بالخوف من أن يكون مصيرهم مثله. في العلاج النفسي الألماني ، عندما كان يشتبه في سقوط ضابط ، فإن الفريق بأكمله يستبعد و يُمنح وقتًا للراحة، ويسمح لهم باللعب حتى يشعرون بالملل من عدم العمل ،ثم يرجعون للعمل كفريق. (انظر عصابات الحرب في شمال أفريقيا ، RR Grinker و JP Spiegel ، نيويورك ، القوات الجوية للجيش ، 1943.)

2- أنا ممتن للأستاذ ويليام إف. وايت لإذنه بنشر هذه الجزء و الإشارة إليه قبل نشره.

3- مع الاحترام الواجب للنوايا التقدمية للنقابة ، يمكن للمرء أن يستشهد بحالة موازية من رواية مزرعة الحيوان لجورج أورويل فبمجرد أن استولت الخنازير على وظيفة إدارة المزرعة ، أصبح المعجبون بالبشر يغارون من نجاحهم. الحيوانات تتأقلم مع بعضها البعض بشكل أفضل مما نستطيع نحن، حسب قول أحد المزارعين.

4- يمكننا أن نرى تبايناً كبيراً في شركة فورد للسيارات. تحتوي ورقة النقابة باستمرار على بيانات تجريبية للعاملين فيما يتعلق بمحاولة الشركة “تسريع” الإنتاج. بعض العينات من العمال تشير إلى الحالة العامة: “صاحب العمل الجشع مصمم على كسر ظهورنا. . يجب القيام بشيء لوقف سعار الثورة المتضخمة الذي يتسبب في إحباطنا ومعاناة ظهورنا. . نحن في نظرهم لسنا أكثر من دلو من الرمل أو ماكينة صهر المعادن أو كومة من الخردة ، ولا تقاس قيمتنا إلا بمقدار الربح المهول الذي يحققوه من خلالنا (سبتمبر 1946 فورد حقائق).

5- انظر مقالي “هيكل الطبقة المتغيرة للولايات المتحدة” ، قائد جديد ، 15 يونيو 1946 ؛ وأيضاً لويس كوري ، “الطبقة الوسطى” ، مجلة أنطاكية ، ربيع 1945.

 

المصدر: commentarymagazine

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى