الدين

انعكاس الدليل العقلي والفرق بينه وبين دلالة النفي الاعتزالية

بسم الله الرحمن الرحيم

من دقائق المسائل التي رأيت بعض الباحثين يقع في إشكالات عند تحريرها: مسألة الدليل العقلي ومخالفته للعلة العقلية من جهة اشتراط انعكاسه، ثم الفرق بين انعكاس الدليل العقلي وبين دلالة النفي الاعتزالية. ولعل سبب بعض هذا الوهم يعود إلى ما ذكره ولي الدين ابن خلدون (تـ808) في “المقدمة“؛ حيث نسب اشتراط انعكاس الدليل العقلي إلى المتكلمين ما قبل الغزالي (تـ505). والحقيقة إن هذه الدعوى تردها بعض المصادر المتقدمة، كما سيأتي معنا عرضه؛ لذا رأيت أن أكتب حول هذه القضية مقالة مختصرة تجلي الفرق وتوضحه بين هذه المسائل، إلا أنني  أود أن ألفت نظر القارئ، إلى أن هذه الدعوى وردت في سياق تعليل ولي الدين ابن خلدون (تـ808) انصراف قدماء المتكلمين عن علم المنطق؛ فذكر عدة أسباب دعتهم للانصراف عنه، ومنها -وهو ما يهمنا حاليًا- أن أدلة العقائد عندهم منعكسة. وأنا في هذا المقام لن أناقش جميع هذه الأسباب، وأبين مدى مطابقتها لواقع قدماء المتكلمين، وهل فعلًا جميع ما ورد في النص الخلدوني يعد سببًا عندهم لرفض علم المنطق أو لا؟ لأن مثل هذه المناقشة بحاجة إلى بحث موسع، ولا يتسع المقام حاليًا له، وعليه فستقتصر مناقشتي للنص الخلدوني على دعوى أن أدلة العقائد منعكسة لدى المتكلمين الذين سبقوا الغزالي (تـ505)، ولن أتطرق لغيرها من الدعاوى.

 

أولًا: عرض النص الخلدوني:

(اعلم أن هذا الفن (= المنطق) قد اشتد النكير على انتحاله من متقدمي السلف والمتكلمين، وبالغوا في الطعن عليه والتحذير منه، وحظروا تعلمه وتعليمه. وجاء المتأخرون من بعدهم من لدن الغزالي والإمام ابن الخطيب، فسامحوا في ذلك بعض الشيء، وأكب الناس على انتحاله من يومئذ إلا قليلًا يجنحون فيه إلى رأي المتقدمين، فينفرون عنه ويبالغون في إنكاره. فلنبين لك نكتة القبول والرد في ذلك، لتعلم مقاصد العلماء في مذاهبهم. وذلك أن المتكلمين لما وضعوا علم الكلام؛ لنصر العقائد الإيمانية بالحجج العقلية، كانت طريقتهم في ذلك بأدلة خاصة وذكروها في كتبهم، كالدليل على حدث العالم بإثبات الأعراض وحدوثها وامتناع خلو الأجسام عنها، وما لا يخلو عن الحوادث حادث، وكإثباتهم التوحيد بدليل التمانع، وإثبات الصفات القديمة بالجوامع الأربعة؛ إلحاقاً للغائب بالشاهد، وغير ذلك من أدلتهم المذكورة في كتبهم. ثم قرروا تلك الأدلة بتمهيد قواعد وأصول هي كالمقدمات لها، مثل إثبات الجوهر الفرد، والزمن الفرد، والخلاء، ونفي الطبيعة والتركيب العقلي للماهيات، وأن العرض لا يبقى زمنين، وإثبات الحال، وهي صفة لموجود لا موجودة ولا معدومة، وغير ذلك من قواعدهم التي بنوا عليها أدلتهم الخاصة. ثم ذهب الشيخ أبو الحسن (= الأشعري)، والقاضي أبو بكر (= الباقلاني)، والأستاذ أبو إسحاق (= الإسفرايني) إلى أن أدلة العقائد منعكسة، بمعنى أنها إذا بطلت بطل مدلولها. ولهذا رأى القاضي أبو بكر أنها بمثابة العقائد، والقدح فيها قدح في العقائد لانبنائها عليها. وإذا تأملت المنطق، وجدته كله يدور على التركيب العقلي وإثبات الكلي الطبيعي في الخارج لينطبق عليه الكلي الذهني المنقسم إلى الكليات الخمس، التي هي الجنس، والنوع، والفصل، والخاصة، والعرض العام، وهذا باطل عند المتكلمين. والكلي والذاتي عندهم إنما هو اعتبار ذهني ليس في الخارج ما يطابقه، أو حال عند من يقول بها، فتبطل الكليات الخمس والتعريف المبني عليها والمقولات العشر، ويبطل العرض الذاتي، فيبطل ببطلانه القضايا الضرورية الذاتية المشروطة في البرهان عندهم، وتبطل العلة العقلية؛ فيبطل كتاب البرهان وتبطل المواضع التي هي لباب كتاب الجدل، وهي التي يؤخذ منها الوسط الجامع بين الطرفين في القياس، ولا يبقى إلا القياس الصوري. ومن التعريفات المساوئ في الصادقية على أفراد المحدود لا يكون أعم منها فيدخل غيرها، ولا أخص فيخرج بعضه، وهو الذي يعبر عنه النحاة بالجمع والمنع، والمتكلمون بالطرد والعكس، وتنهدم أركان المنطق جملة. وإن أثبتنا هذه كما في علم المنطق أبطلنا كثيرًا من مقدمات المتكلمين، فيؤدي إلى إبطال أدلتهم على العقائد كما مر، فلهذا بالغ المتقدمون من المتكلمين في النكير على انتحال المنطق، وعدوه بدعة أو كفرًا على نسبة الدليل الذي يبطل. والمتأخرون من لدن الغزالي لما أنكروا انعكاس الأدلة، ولم يلزم عندهم من بطلان الدليل بطلان مدلوله، وصح عندهم رأي أهل المنطق في التركيب العقلي ووجود الماهيات الطبيعية وكلياتها في الخارج؛ قضوا بأن المنطق غير مناف للعقائد الإيمانية، وإن كان منافيًا لبعض أدلتها، بل قد يُستدل على إبطال كثير من تلك المقدمات الكلامية، كنفي الجوهر الفرد والخلاء وبقاء الأعراض وغيرها، ويستدلون من أدلة المتكلمين على العقائد بأدلة أخرى يصححونها بالنظر والقياس العقلي، ولم يقدح ذلك عندهم في العقائد السنية بوجه. وهذا رأي الإمام والغزالي وتابعهما لهذا العهد، فتأمل ذلك، واعرف مدارك العلماء ومآخذهم فيما يذهبون إليه. والله الهادي والموفق للصواب) [المقدمة: 3/95-97].

 

ثانيًا: مناقشة النص الخلدوني:

  • معنى الاطراد والانعكاس:

الاطراد: مساوقة المعنى للحكم حيث وجد من غير تخلف عنه، والانعكاس: انتفاء الحكم عند انتفاء علته. وبهذا عرفهما فخر الدين الرازي (تـ606).

  • الدليل العقلي يُشترط لصحته أن يكون مطردًا، ولا يشترط انعكاسه:

أي: [وجود المدلول عند وجود الدليل]، وهذا مقرر لدى المتكلمين قبل الغزالي (تـ505) بخلاف ما يوحي به النص الخلدوني؛ ومن أهم النصوص حول هذه القضية نص لأبي المعالي الجويني (تـ478) من كتابه الكبير “الشامل في أصول الدين“. ولا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار أن هذا الكتاب هو تحرير لكتاب القاضي الباقلاني (تـ403) “شرح اللمع“، كما هو منصوص في المقدمة، وسيلحظ القارئ أن أبا المعالي الجويني (تـ478) لم ينسب اشتراط انعكاس الدليل العقلي لأحد من المتكلمين!

قال:

(فصل: الأدلة شرط صحتها الاطراد، وليس من شرطها الانعكاس. وظن بعض الأغبياء المنتمين إلى الفقهاء أن الأدلة العقلية يُشترط انعكاسها! وهذا من أفحش الغلط، وإنما زل الصائر إلى ذلك من حيث اختلطت العلل العقلية عنده بالأدلة وأجراهما مجرى واحدًا، كما يتجوز بعض الفقهاء بتسمية الأقيسة المستنبطة في المجتهدات “عللًا”. والذي يحقق ذلك أن الحدث دل على المحدِث عقلًا ولم يدل <انتفاؤه> على عدمه، والإتقان يدل على العلم، ولا يدل انتفاؤه على عدم العلم، ولو تتبع المتتبع جملة الأدلة العقلية لألفاها كذلك. وإنما ذلك لأن الحدث من شرط دلالته على مداولة تقدير دليل آخر متعلق بمدلول آخر، ولو قلنا: إذا دل وجود على وجود؛ دل عدمه على عدمه= كنّا قدرنا العدم دليلًا، وليس من شرط تقدير دليل تقدير دليل آخر متعلق بنقيض الأول، والذي يحقق ذلك أنه يجوز أن يدل على المدلول الواحد أدلة مختلفة وفاقًا، وإذا قدرنا انتفاء بعضها استقلت بقية الأدلة بالدلالة على المدلول، فلو قدرنا عدم الدليل الذي فرضنا عدمه على انتفاء المدلول؛ للزم انتفاؤه لعدم بعض الأدلة، وثبوته لثبوت سائرها! والذي يحقق ذلك أن الدليل ليس يقتضي المدلول إيجابًا فيعد مؤثرًا في إثباته، ولا استبعاد في أن يثبت شيء من غير انتصاب دليل عليه، وليس كذلك العلة؛ فإنها توجب المعلول وتؤثر، ولو لم نقدر انتفاء الحكم عند انتفاء العلة؛ لسقط تأثيرها في وجودها… والمعتزلة، مع اعترافهم بما قدمناه ونسبتهم مشترط الانعكاس في الأدلة إلى الغباوة= قد يستدلون بما أنكروه، وهذا كما قدمناه من استدلالهم على منع تعليل الواجب بكون الجواز دليلًا على تعليل الجائز، قالوا: إذا دل الجواز على التعليل؛ وجب أن لا يعلل الواجب. وهذا الذي ذكروه تمسك بالعكس الصريح، وهو مصدر في جميع كتبهم) [الشامل في أصول الدين: ص69-70،بتصرف، طبعة جامعة طِهران].

وقال أيضًا أثناء مناقشته المعتزلة لمنعهم تعليل الواجب من الأحكام:

(ثم نقول لهم: لو سلم لكم ما ادعيتموه من تعليل الجائز من الأحكام، فلِمَ قلتم: إذا علل الجائز؛ امتنع تعليل الواجب؟ وهل هو إلا تمسك بعكس الأدلة؟! وليس من شرط الأدلة انعكاسها بإجماع من المحققين؛ إذ لو شُرط فيها ذلك؛ لدل عدم الإتقان على جهل الفاعل، كما دل الإتقان على علمه، ولدل عدم العالم على عدم المحدِث، كما دل حدوثه على وجوده، إلى غير ذلك مما يطول تتبعه، وإنما يشترط الانعكاس في العلل العقلية والحقائق) [الشامل في أصول الدين: ص704، الطبعة المصرية].

  • العلة العقلية يُشترط فيها أن تكون مطردة منعكسة:

والمتكلمون متفقون على هذا الأصل في الجملة، يقول أيضًا أبو المعالي الجويني (تـ478):

(فصل: هل يثبت الحكم بوجود العلة وينتفي بنفيها؟ ومن شرائط العلة العقلية اطرادها وانعكاسها، فيستحيل ثبوت العلة دون ثبوت المعلول، وإذا انتفت العلة؛ استحال ثبوت معلولها دونها. وهذا مما يتقبله كل خائض في العلل على الجملة، ولكنهم يتناقشون؛ فيدعي كل على خصمه عدم استقامة ذلك على أصولهم. فليس يلتزم مخالفة هذا الأصل صريحًا أحد من المحققين) [الشامل في أصول الدين: ص657-658، الطبعة المصرية].

وأبرز مسائل الخلاف بين المتكلمين في هذا الباب، هو: [هل الوجوب يمنع من التعليل أو لا؟] فالمعتزلة لا يرون تعليل الواجب من الأحكام؛ بخلاف الأشعرية الذين يعممون الأمر، ومن هنا فكون الله عالمًا عند المعتزلة، لما كان واجبًا؛ هو غير معلل، بخلاف كونه مريدًا أو متكلمًا عندهم، لما كانا غير واجبين؛ فهما معللان بإرادة –عند من يثبت زيادتها منهم- وكلام حادثين. أما الأشعرية –خاصة مثبتة الأحوال- فيقررون أن كون الله عالمًا هو معلل بالعلم القائم بالذات، وكون هذا الحكم واجبًا غير مانع من تعليله [الشامل في أصول الدين: ص700، الطبعة المصرية].

  • معنى دلالة النفي الاعتزالية:

معنى هذه الدلالة هو: [لو أن أمرًا ما كان ثابتًا؛ لعُلم ضرورة أو استدلالًا، فلما لم يُعلم= دل على أنه منفي في نفسه بمجرد عدم العلم بدليله]. وهذه الطريقة الاستدلالية قال بها بعض المعتزلة؛ لكنها ليست محل وفاق بينهم، حيث عقد تقي الأئمة العجالي (تـ/ق6) منهم فصلًا في إبطالها في كتابه: “الكامل في الاستقصاء فيما بلغنا من كلام القدماء“، ونراه في هذا الفصل يرد على أبي هاشم الجبائي (تـ321) والقاضي عبد الجبار الأسدابادي (تـ415). قال:

(مسألة: في أنه هل يجوز أن يكون لله تعالى صفة غير ما أثبتوا من الصفات أم لا؟ ذهب أبو هاشم وقاضي القضاة إلى نفي ذلك عنه تعالى، واعتمدا في ذلك على دلالة نفي الدلالة، وقد استعملا هذه الطريقة في كثير من المسائل) [الكامل في الاستقصاء: ص322].

ويبدو أن فخر الدين الرازي (تـ606) استفاد من هذا الفصل في كتابه الكبير “نهاية العقول في دراية الأصول[1/124]، عندما أورد هذه الطريقة من ضمن طرق الاستدلال الضعيفة، كما تدل عليه المقارنة بين كلامهما، أو أنهما ينقلان من مصدر مشترك. وقد سبق أبو المعالي الجويني (تـ478) هؤلاء في نقد هذه الطريقة، حيث يقول:

(فإذا قال القائل: كون العالم عالمًا لا يخلو إما أن يكون للعلم أو لغيره من الأقسام التي أومأنا إليها؛ فلو قال قائل: لِمَ تنكرون على من يزعم أنكم أغفلتم قسمًا، وهو الصحيح دون ما ذكرتموه، وذهلت نفوسكم عن العثور على الموجب، فما يدريكم أنكم ضبطتم الأقسام ولا يستقل التقسيم والسبر حتى يكون حاصرًا، ولا يثبت الانحصار إلا باضطرار واستدلال؟ والتقسيم الذي لا يستند إلى النفي والإثبات لا يعلم الانحصار فيه باضطرار، فأوضحوا وجه الاستدلال. وعند ذلك قال المعتزلة: الدليل على انتفاء المسؤول عنه عدم الدليل على إثباته؛ إذ لو ثبت لعُلم ضرورة أو دليلًا. وهذا مستهجن من الكلام! وقد ردد عبد الجبار ذلك في “المغني” أكثر من مائة مرة، وهذا تناقض، فإنه نفى الدليل وأثبته على أنه يقال له: لِمَ جعلت عدم الدليل على الإثبات دليلًا على النفي؟ وبمَ تنكر على من يقلب عليك مرامك ويجعل عدم الدليل على النفي دليلًا على الإثبات؟ فليس أحد القائلين أسعد حالًا من الثاني، وهذا ما لا خفاء به) [الشامل في أصول الدين: ص67، طبعة جامعة طِهران].

  • انعكاس الدليل العقلي لا يساوي دلالة النفي الاعتزالية:

وهذا ظاهر، إلا أني رأيت بعض الباحثين يخلط بينهما، فيزعم بعضهم اتحادهما أو أن دلالة النفي الاعتزالية متفرعة عن انعكاس الدليل العقلي! والواقع أن بينهما فرقًا؛ حيث تبين لنا أن معنى انعكاس الدليل هو: [بطلان المدلول لبطلان دليل واحد]؛ كالعلة العقلية، فعلى هذا:[إذا بطل كون الإتقان دليلًا على صفة العلم= انتفت صفة العلم]! وهذا مثله في باب العلل العقلية: [إذا انتفى قيام صفة العلم بذات الله= انتفى كونه عالمًا]، كما يقرره مثبتو الأحوال من الأشعرية؛ إلزامًا منهم لمنكري صفات المعاني من المعتزلة وغيرهم؛ بأنكم إذا وصفتم الله بكونه عالمًا، فهذا لا يصح إلا بقيام العلم بالذات؛ فإذا انتفى قيام العلم بذات الله؛ انتفى كونه عالمًا. وهذا خلاف دلالة النفي الاعتزالية؛ التي تقرر: [أن عدم الدليل هو بمجرده دليل على أن الشيء منفي في نفسه]، فلما عُدمت الأدلة على إثبات المائية –مثلًا- لله؛ دل ذلك على أنها منفية في نفسها، كما يقرره ركن الدين ابن الملاحمي الخوارزمي (تـ536)، وغيره من المعتزلة.

فملخص ما سبق:

  • الدليل العقلي يُشترط لصحته عند المتكلمين الاطراد دون الانعكاس.
  • العلة العقلية يشترط فيها عند المتكلمين أن تكون مطردة منعكسة.
  • دلالة النفي الاعتزالية أعم من أن تكون محصورة ببطلان دليل واحد؛ ليدل هذا البطلان على انتفاء المدلول أو الحكم كما في العلل العقلية، وإنما الحكم بنفي الشيء يتحقق –عندهم- بعدم العلم بأي دليل على الإثبات؛ فيكون هذا العدم دليلًا على أن هذا الشيء أو ذاك منفي في نفسه، ومن هنا سماها تقي الأئمة العجالي (تـ/ق6): [دلالة نفي الدلالة].

وعليه، فما ذكره ولي الدين ابن خلدون (تـ808) من أن المتكلمين –وخاصة الأشعرية- قبل الغزالي (تـ505) كانوا يرون أن الأدلة منعكسة= غير صحيح.


حمل المقالة PDF


تأليف: عبد الله بن عبد العزيز الـغِـزِّي
الرياض- (2/3/1441هـ)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى