- تأليف : كوريني بورتل – 29/4/2017 Corinne Purtill
- ترجمة : مصطفى هندي
- تحرير : لطيفة الخريف
في عام 1976، نشر أستاذ التاريخ الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا في (بيركلي – الولايات المتحدة) كارلو م. شيبولا مقالًا يبرز القوانين الأساسية لقوة يعدها التهديد الأكبر للوجود الإنساني ألا وهي: الغباء.
بيّن شيبولا أن الأغبياء يتشاركون عددًا من السمات المميزة، فهم كثيرون، وغير عقلانيين [سُذَّج]، ويوقعون الآخرين في مشاكل دون أن يستفيدوا شيئًا واضحًا، وذلك مما يقلل سعادة المجتمع بكامله.
اعتبر [شيبولا] (البروفيسور ذو الأصول الإيطالية الذي توفي عام 2000) أنه لا توجد تحصينات ضد الغباء، والطريقة الوحيدة للمجتمع كي يتجنب الوقوع تحت وطأة الحمقى من أفراده هي أن يكون المجهود المبذول من غير الأغبياء كبيرًا بما فيه الكفاية ليعوض الخسائر التي يسببها إخوتهم الأغبياء.
لنلقِ نظرة على قوانين شيبولا الخمسة للغباء البشري:
القانون الأول: الجميع يستخفون دائما بعدد الأغبياء المحيطين بهم.
بغض النظر عن عدد الأفراد الحمقى الذين تعتقد أنك محاط بهم، فإنك في الحقيقة تستهين بمجموعهم، و تتفاقم المشكلة من خلال الافتراضات المتحيزة التي تجعل بعض الأشخاص أذكياء بناءً على عوامل سطحية مثل الوظيفة ومستوى التعليم وغيرها من الصفات التي نظن أنها بعيدة عن الغباء و هي ليست كذلك، و ذلك يقودنا إلى:
القانون الثاني: احتمالية أن يكون شخص ما غبيًا لا علاقة لها بصفاته الشخصية الأخرى.
يفترض شيبولا أن الغباء متفاوت، لكن تظل نسبته ثابتة لدى جميع الشعوب، ففي أي فئة يمكن للمرء أن يتصورها من حيث النوع أو العرق أو الجنسية أو مستوى التعليم والدخل، هناك نسبة ثابتة من الأغبياء، هناك أساتذة جامعيين أغبياء، هناك أشخاص أغبياء في دافوس وفي الجمعية العمومية للأمم المتحدة، هناك أناس أغبياء في كل دولة على وجه الأرض.
كم عدد الأغبياء بيننا؟ تستحيل الإجابة، وعلى كل حال فمن المؤكد أن أي تخمين يعد خرقا للقانون الأول.
القانون الثالث: الشخص الغبي هو الذي يتسبب في خسائر لشخص آخر أو لمجموعة من الأشخاص في حين أنه لا يجني أية مكاسب، بل ربما يتكبد خسائر.
يعرف شيبولا هذا القانون بالقانون الذهبي للغباء، فالشخص الغبي – بحسب تعبير أستاذ الاقتصاد- هو الذي يتسبب في مشاكل للآخرين دون أية فائدة واضحة تعود عليه، فالعم الذي لا يمكنه منع نفسه من نشر الأخبار المزيفة على (الفيسبوك): غبي، وموظف خدمة العملاء الذي يبقيك على الهاتف لمدة ساعة ويعلق المكالمة مرتين ومع ذلك يستمر بالفشل في إصلاح حسابك: غبي.
ويطرح شيبولا في هذا القانون ثلاثة أنماط ظاهرية يقول إنها تتعايش جنبا إلى جنب مع الغباء:
هناك أولًا الذكي الذي تنفع أفعاله نفسه والآخرين، وهناك اللص الذي يعمل لنفسه على حساب الآخرين، وأخيرًا من لا حول له ولا قوة (قليل الحيلة) الذي يثري الآخرين على نفقته الخاصة!
ووصف شيبولا أصنافًا أربعة على مخطط (فينس دي فيرسي) :
- غير الأغبياء: هم مجموعة معيبة وغير منتظمة، فأحيانًا نتصرف بذكاء، وفي بعض الأحيان نكون لصوصًا أنانيين، وأحيانًا نتصرف بغير حيلة ونُستغل من قبل الآخرين، وأحيانًا نكون خليطًا من ذلك كله.
- الأغبياء: هم من مظاهر الاتساق (الانتظام) على عكس من سبقهم، ويتصرفون في جميع الأوقات بحماقة صلبة لا تتغير!
ومع ذلك، الغباء المستمر هو الشيء الوحيد الثابت حول الغباء، وهذا ما يجعل الناس الأغبياء خطرين جدا، فالأغبياء ظاهرة خطرة ومدمرة؛ لأن العقلانيين الأسوياء يجدون صعوبة في تصور وفهم السلوك غير العقلاني (الغبي)، قد يفهم الشخص الذكي منطق اللصوص وقطاع الطرق، فإن تصرفات العصابات تتبع نمطًا من العقلانية، سمها العقلانية الشريرة إن شئت، ولكن مع ذلك فهي عقلانية، يريد اللص زيادة ثروته على حساب الآخر نظرًا لأنه ليس ذكيًا بما يكفي لاختراع طرق للحصول على الزيادة المالية له ولغيره في نفس الوقت، عوضًا عن ذلك فإنه يبني ثروته عن طريق السرقة من حسابك، كل هذا سيئ، لكنه عقلاني (يتبع نمطا منتظما) وإذا كنت ذكيًا يمكنك التنبؤ به، يمكنك توقع أعمال اللصوص والخارجين عن القانون، ومناوراتهم السيئة وطموحاتهم القبيحة، وغالبًا يمكنك أن تتخذ احتياطاتك.
أما الشخص الغبي فيستحيل عليه ذلك، كما بيّنا في القانون الثالث، الكائن الغبي سيضرك بغير سبب، ولغير فائدة (تعود عليه)، وبغير تخطيط مسبق، وفي المكان والزمان غير المتوقعين نهائيا!
فليس لديك طريقة عقلانية تتوقع بها كيف ومتى ولماذا يؤذيك الشخص الأحمق، وعندما تواجه شخصًا غبيًّا فأنت تحت رحمته بشكل كامل، كل ذلك يقودنا إلى:
القانون الرابع: دائما يستهين غير الأغبياء بالقوة المدمرة للأفراد الأغبياء، وينسى غير الأغبياء باستمرار أن التعامل أو التعاون مع الأغبياء في أي وقت وتحت أي ظرف دائمًا يتحول إلى خطأ فادح باهظ الثمن.
نحن نقلل من شأن الغباء، ونفعل ذلك على مسؤوليتنا الخاصة، وهو ما يقودنا إلى:
القانون الخامس: الشخصية الغبية هي أخطر أنواع الشخصيات وهذا يؤدي إلى أن يكون الشخص الغبي أخطر من قطاع الطريق والخارجين عن القانون.
لا يمكننا أن نفعل شيئًا حيال هذا الغباء، إن الفرق بين المجتمعات التي تنهار بسبب نفوذ مواطنيها الأغبياء وتلك التي تتجنب ذلك هو ترتيب ومكانة غير الأغبياء في المجتمع، هؤلاء الذين يحرزون تقدمًا مع غبائهم لديهم مجموعة كبيرة من الذين يتصرفون بذكاء ويعوضون الخسائر التي يتسبب بها الأغبياء عن طريق جلب المكاسب لأنفسهم ولزملائهم.
لدى المجتمعات المنهارة النسبة نفسها من الأغبياء لكنهم يُعامَلون كأشخاص ناجحين، ولديهم أيضا نسبة مرتفعة من العاجزين (قليلي الحيلة)، وكتب شيبولا: ” انتشار مرعب لقطاع الطرق مع نسبة عالية من الغباء ، تغيير كهذا في تركيبة السكان غير الأغبياء كفيل بمضاعفة القوة المدمرة لنسبة الأغبياء في المجتمع ” و يلخص هذا بقوله: ” و تنحدر البلاد نحو الجحيم ” .
المصدر : The five universal laws of human stupidity