- باربرا إهرنريتش
- ترجمة: الجراح القويز
- تحرير: عبير العتيبي
هل هذا الكتاب في قائمة قراءاتك؟
إليك عرض لأفكار الكتاب الرئيسة مع ملخص سريع لها.
القلق شيء طبيعي، ورغم ذلك فإن مجتمعنا مهتم جدًا بحقيقة أن القلق المستمر سيدمر صحتنا أو يمنعنا من تحقيق إمكاناتنا الحقيقية. ونتيجة لذلك أصبحنا نشعر بأننا ملزمين بأن نبقى مبتهجين ومتفائلين حتى أن أصدقاءك يقولون لك “هون على نفسك!”.
لكن لماذا كمجتمع أصبحنا مهووسين جدًا بالإيجابية؟ كيف صرنا موقنين بأن على كل شخص أن يحقق شيئًا؟ هل نحن أفضل حالًا عندما نسعى للسعادة؟
ملخص هذا الكتاب يلقي الضوء على الهوس الأمريكي بالتفكير الإيجابي والمنظور السلبي للمحاولة الدائمة بأن تكون سعيداً.
في هذا الملخص أيضاً ستتعلم:
– كيف تلاعب إرهابيو 11 سبتمبر بالعقول مستغلين التفكير الإيجابي؟
– لماذا يقول مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً بأن التفكير السلبي يسبب عواصف بحرية (تسونامي)؟
– لماذا التطور البشري يخدم المتشائمين؟
الفكرة الرئيسة الأولى:
تُعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الآن أرض التفكير الإيجابي، مع أن المستوطنين الأوائل كانوا أكثر تشاؤماً.
لنفترض أن الله قدَّر من قبل هل ستذهب للجنة أم للجحيم، ولا يوجد شيء يمكنك فعله بخصوص ذلك. إذا تمعنت في ذاتك، أو أدركت أن تفكيرك عبارة عن أفكار خاطئة أو أنك تتصرف بكسل، فإنك فقط أكدت ما تعرفه بأنك محكوم عليك بالهلاك!
هذا ما اعتقده المستوطنون الأوربيون الأوائل لأمريكا -أتباع الكالفينية- المذهب الكالفيني هو شكل مقتصد من البروتسانتية، ويؤكد على أهمية العمل واستهجان أوقات الفراغ، والعبث والإسراف.
في نهاية المطاف، تمرد العديد من أطفال الأُسر الكالفينية كرد فعل على معتقدات مذهبهم المتطرفة، مما قادهم إلى تفضيل إله أقل قسوة، وطوروا لهم توجهاً ذا بعد روحاني أكثر. على سبيل المثال: ماري بيكر ايدي (Mary Baker Eddy)، ابنة لكالفيني متشدد، ساعدت كتاباتها الروحانية في تشكيل مدرسة فكرية جديدة في القرن التاسع عشر في أمريكا.
الفكرة الجديدة تمثلت في حركة فلسفية تقول بأن روح الله المُحبة تعيش داخل كل الناس، كما اعتقدوا أن أي شخص يمكن أن يتخطى المعاناة -حتى ولو كانت جسدية- فقط بالتفكير بـ”روحانية” أو بشكل إيجابي. وهذا ما تميز في البداية ما نسميه “التفكير الايجابي”، أو فكرة أن كل شخص مسؤول عن مصيره. هذه العقلية مضت في تحويل أمريكا إلى مكان ذي فرص وتفاؤل لا محدود.
ركز الفكر الجديد على التحليل الذاتي -مثل الكالفينية- ولكن من منظور مختلف. فالتفكير الإيجابي يشجع الشخص على الاعتقاد بأن كل شي دائما يمكن أن يتحسن، وهذا الافتراض يجعل الشخص يظن بأنه يتحكم كليًا في مصيره. وبتعبير آخر، فإن هذه الإيديولوجية تعزز فكرة أن كل شخص يستطيع فعل أي شيء ما دام يحاول جاهداً. ومنذ ذلك الوقت، انتشر معتقد التفكير الإيجابي ونما حتى صار إيديولوجية وطنية؛ وهي فكرة أن كل أمريكي لديه فرصة للنجاح.
ولكن هذا المنطق لديه مشكلة كبيرة؛ فإذا اعتقد الناس أن الأمر عائد إليهم في تحديد مصائرهم، فإنهم سيحاسبون أنفسهم على كل ما يحدث لهم، وهذا بالضبط ما حدث في أمريكا.
الفكرة الرئيسة الثانية:
العديد من الناس يؤيدون “إنجيل الرخاء prosperity gospel”، الذييؤسس لعقيدة أن المسيح يريدك أن تكون غنيًا أيضًا.
أصبح التفكير الإيجابي اليوم إيديولوجية بارزة في الثقافة الأمريكية بشكل عام، متصلاً بكل الاشياء من حياة الناس الشخصية إلى أماكن العمل. بل إنه قد ساد حتى في أماكن العبادة. فالعديد من الكنائس اليوم توقفت عن الخطب التي تعظ الناس وتذكرهم بعبء الخطيئة، والذنب، والمعاناة، وانتقلوا إلى إخبار عامة الناس ممن يحضرون إلى الكنيسة بأن الله يريد من المسيحيين أن يحافظوا على موقفهم وروحهم الإيجابية. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الكنائس متمسكة بأن الرب سيساعد المؤمنين مباشرة لينجحوا ويصبحوا أغنياء أيضاً. بطبيعة الحال، فإن الكنائس التي تنشر “إنجيل الرخاء” تجذب الكثير من الأتباع.
على سبيل المثال: في استطلاع أجرته مجلة (Time) عام 2006، وجدوا أن 17% من المسيحيين الأمريكيين ملتزمين بإنجيل الرخاء، وأن 61% متفقون مع عبارة “يريد الله للناس أن يعيشوا في رفاه”. وقد ارتفع عدد الكنائس “الضخمة” -التي يحضر بها أسبوعياً على الأقل 2000 شخص- إلى 1210 في أمريكا وحدها، والعديد منها يروج لإنجيل الرخاء.
إن أحد آثار الأيديولوجية الإيجابية هو ارتفاع سقف التوقعات، فالتفكير الإيجابي في شكله المتطرف يدَّعي بأن المعتقدات الشخصية تحدد مصير الشخص وما يحدث له، فإذا كان مسؤولاً عن حياته، فسيَفترض أن الأشياء الجيدة فقط هي ما ستحدث له.
رغم كل شيء، فإن المرء سيشكل مستقبله من خلال تفكيره بما يريد، فقد أصبحت الإمكانات البشرية فجأة لا تقتصر على حدود تصرفات أي شخص. وبناءً على هذا، فإن ما يتطلبه الأمر لأن تكون موسيقارا من الطراز العالمي إنما هو عقلية مناسبة لا موهبة فريدة أو سنوات من الممارسة. ولذلك فإن الافتراض القائل بأن الشخص يستطيع التحكم بحياته من خلال قوة الفكر أنتج لنا طموحات يصعب الوصول لها.
وأحد الأمثلة على ذلك هي تمهيد الطريق لكتب وإرشادات “الثراء السريع”؛ لأنه بمجرد أن يقرر الناس أن نجاحهم عائد إليهم، فالتنوير الروحي لا يعد كافيًا، فهم يطمحون إلى أن يحققوا ثروة أيضاً عن طريق التزامهم بالتفكير الإيجابي.
الفكرة الرئيسة الثالثة:
التفكير الإيجابي أصبح تجارة رابحة، والمستفيد الأكبر منه هم الشركات.
لنفترض أن صديقك رجل أسود ذكي ومجتهد ومطيع، ولم تتم ترقيته للسنة الخامسة على التوالي. ما النصيحة التي تقدمها له؟ هل ستخبره بأن يرفع شكوى تتعلق بالتمييز العنصري إلى قسم الموارد البشرية، أم تخبره بالسعي إلى تدريب تحفيزي (coaching) ؟
بالنسبة للأعمال، فإن الخيار الأخير هو الأفضل. في الحقيقة، التدريب التحفيزي القائم على التفكير الإيجابي أصبح شائعًا في عالم الأعمال بسبب الفوائد التي يقدمها لأرباب العمل.
التدريب التحفيزي (motivational coaching) يجعل الناس مسؤولين عن نجاحاتهم، وعن رضاهم في العمل. ونتيجةً لذلك يتعلم الموظفون لوم أنفسهم -بدلاً من لوم أصحاب العمل- عند أي استياء يشعرون به في مكان العمل. وينطبق ذلك حتى على الموظفين الذين أُجبروا على العمل تحت ظروف سيئة، سواء أجبروا على قبول أجر قليل، أو واجهوا تمييزاًعنصريا أو وقعوا تحت أعباء عمل صعبة.
يهدف التدريب التحفيزي أيضًا إلى رفع معنويات الموظفين، وتشجيعهم على العمل بشكل أفضل، لتعزيز النتيجة النهائية لصاحب العمل، وأحيانًا ليزيدوا من مكافآتهم.
للحفاظ على أداء الموظفين وضمان الأرباح للشركات؛ فإن المدربين التحفيزيين لديهم من يصمم ‹‹لوحات الأحلام››. هذا الفن التصويري يستخدم الصور والكلمات لتشكيل الأشياء التي يريدها الموظف. ثم يضع المجلس كلمة “مكتب العمال” ليتذكر الموظف دائمًا بأن العمل بجد يساعده على تحقيق أهدافه.
هناك سبب آخر لدعم الشركات للتفكير الإيجابي؛ فهو يساعد على تخفيف مخاوف الموظفين حول الأمن الوظيفي. وذلك عن طريق إخبار الموظفين أنفسهم بأن كل شي “على مايرام”، مما يجعل تركيزهم على العمل لا على عمليات تسريح الموظفين الوشيكة.
ونتيجة لذلك، فإن التفكير الإيجابي تحول إلى عمل تجاري كبير. فمن الواضح أن قوة العمل التحفيزي مهمة لنمو الشركة وازدهارها، ولا يهم إذا كان الموظفون مخدوعين.
فكتب التفكير الإيجابي، والمؤتمرات، والبرامج التدريبية، والمتحدثون التحفيزيون تجمعت لتصبح صناعة مزدهرة. ففي عام 2007، حصل المدربون الذين يدعون للإيجابية على مليار ونصف دولار عالمياً.
الفكرة الرئيسة الرابعة:
يزعم بعض الناس أن التفكير الإيجابي له فوائد صحية، لكن العلم الذي يدعم هذه النظرية لا يعد متيناً. فقبل تقدم العلم كان الناس يؤمنون بالسحر، والمعالجين الروحانيين، والأرواح الأخرى التي تُبقي الجسد صحياً. والآن بالطبع أصبح المجتمع الحديث أكثر عقلانية، أليس كذلك؟
يدعي العديد من الخبراء الصحيين أن التفكير الإيجابي جيد لصحتك. ولكن مثل هذه الحجج ضعيفة. يزعم المؤيدون أن الشخص إذا كانت نظرته للحياة إيجابية، فمن المحتمل أن يتغلب على المرض. فهرمون الإجهاد يقلل مناعة الجسم الطبيعية، بالتالي وبناء على ذلك فإن بقاءك إيجابياً يجعل رد جسمك المناعي أقوى.
شرح الجراح بيرني سيغل (Bernie Siegel) في كتابه: “الحب والطب ومعجزات الشفاء”، كيف يمكن للتقبل الذاتي الجيد أن يعزز جهاز المناعة لدى الشخص، ويساعده على محاربة السرطان. كما يدَّعي أن السرطان قد يكون “نعمة”؛ لأنه يجعل المريض يتبنى موقفًا أكثر حبًا تجاه نفسه والحياة.
هناك العديد من الأسباب لا تجعلنا نثق بمثل هذه الادعاءات.
وجدت باحثة السرطان بينلوب شونفيلد (Penelope Schonfield) عام 2004، بأن مرضى سرطان الرئة الذين بقوا متفائلين خلال فترة علاجهم، لديهم معدل بقاء على قيد الحياة مساوٍ لمن كان له موقف كئيب من ذلك.
في دراسة أخرى نشرت عام 2007 لعالم النفس جيمس كوين (James Coyne) وزملائه تناولت العلاقة بين العلاج النفسي -الذي يمكن أن يحسن مزاج الشخص ويقلل من توتره ويساعد على إعطائه نظرة إيجابية- ومعدلات البقاء على قيد الحياة في مرضى السرطان.
وجدت الدراسة بأن جميع تلك التجارب التي تزعم أن العلاج النفسي يرفع معدل البقاء، لم تُجرى تحت أي رقابة، وأن العديد منها كانت منهجيته البحثية معيبة. فقد تم إجراء الكثير منها على عدد قليل جدًا من المرضى بحيث لا يمكن التعويل عليهم. وفي إحدى الدراسات تلقى المرضى في مجموعة العلاج النفسي رعاية طبية أجود بكثير.
الفكرة الرئيسة الخامسة:
يمكن أن يتحول التفكير الإيجابي إلى تفاؤل واهم وأعمى وخطير.
في حين أن “معتقد” التفكير الإيجابي له مشاكله، فهل من السيئ أن تظل متفائلاً ؟
الثقافة السائدة تتجنب المتشككين والمتشائمين، فلا أحد يريد أن يكون “محبطاً” لكن الإصرار بأن كل شيء سيكون على ما يرام -فقط لأننا اعتقدنا ذلك- فهذا يعتبر إنكار للواقع. فالأشياء السيئة تحدث للجميع، وإنكارك لهذا الأمر لن يحميك منه.
ومع ذلك، يظل مؤيدوا التفكير الإيجابي مستمرين. فقد قالت روندا بيرن (Rhonda Byrne) -مؤلفة كتاب “السر” الأكثر مبيعاً للمساعدة الذاتية- أن الأشخاص الذين قُتلوا وشُردوا بسبب تسونامي عام 2006 في إندونيسيا في الغالب هم من “أظهروه” – أي جلبوه على أنفسهم – من خلال تفكيرهم السلبي.([1])
فلوم الضحايا ليست المشكلة الوحيدة في هذه الإيديولوجية. التفكير الإيجابي الأعمى قد يقود الناس إلى إنكار علامات الخطر عن طريق الإصرار بأن كل شيء على ما يرام أو يتحسن. أي شخص عاقل يعرف أن من الخطر إنكار وجود التهديدات الحقيقية. فنحن كنوع، بقينا على قيد الحياة طوال الفترة السابقة؛ لأن غريزتنا توجهنا لمراقبة الخطر لا إلى الاستمتاع في لحظات النعيم.
نتيجة لذلك، فنحن مستعدون دائمًا للقتال أو الفرار. وهذا يساعدنا على البقاء؛ لأنه -وفقًا لمنطق التفكير الإيجابي- من المفيد توقع نتائج أقل من المثالية مما يساعدنا على الاستعداد للأشياء السيئة والتعامل معها، وأحيانًا منعها. لرؤية مثل هذا المنطق عملياً، نحن نضع في الاعتبار الأمن الناتج عن التأمين الصحي أو تأمين الحياة، أو الرغبة في فحص الطبيب لأي شامة غريبة.
دعونا ننتقل للمخاطرالضخمة للتفكير الإيجابي للحظة. فنظراً للتفاؤل الأعمى من قبل إدارة بوش الذي أدى إلى هجمات 11 سبتمبر، فالحكومة كانت مدركة لبعض الأدلة قبيل الهجمات، مثل: التحذيرات حول ضربة إرهابية محتملة من طلاب طيران مشبوهين، لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي والرئيس رفضا تصديق هذه التفاصيل؛ ولذلك فشلوا في اتخاذ الاحتياطات التي كانت من الممكن أن تنقذ آلاف الأرواح الأمريكية.
في مراجعة هذا الكتاب فإن الرسالة الأساسية فيه:
انتشرت ثقافة التفكير الإيجابي في المجتمع الأمريكي، مؤثرةً على كل شيء من الصحة إلى الدين إلى العمل. فعندما يُنظر إلى التفاؤل وقوة الإرادة بين الجميع على أنها أشياء مساعدة وأساسية لتحسين الحياة، فإن مثل هذا الاعتقاد يعزز سلوكًا يعمينا عن الواقع.
[1] ننوه بأن كتاب السر مليء بالخرافات التي لا تختلف كثيراعن إنكار الواقع والعيش في الوهم. -الإشراف.