- أحمد عبدالعزيز
- تحرير: بلال الخصاونة
تعتبر الحُجّة الكلاميّة الكونيّة واحدة من أهم الحُجج التي استخدمها اللاهوتيون من كافّة الأديان في البرهنة على وجود الخالق، مع ظهور علم الكونيات الحديث، بدأ يحدث نوع من التوافق بين افتراضات هذه الحجة والعلم، فالحجة قائمة على أن الكون لابدَّ له من بداية وعلم الكونيات الحديث أشار أيضاً إلى أن الكون له بداية، ومع ذلك أثار العديد من العلماء والفلاسفة إشكالات محاولين التشكيك في افتراض هذه الحجة الأساسي: وهو أن الوجود المادّي كان له بداية، وبالتالي أثاروا الشكوك حول صلاحية هذه الحُجّة.
– نظرية الإنفجار العظيم:
باستخدام النظرية النسبية العامة التي اكتشفها أينشتاين، أدرك العلماء (بالتحديد عالم الفيزياء الروسي ألكسندر فريدمان) أن الكون لا يمكن أن يكون ساكنًا أبدًا، إما يتوسع أو ينكمش، بعد أن اكتشف عالم الفلك إدوين هابل أن الكون يتوسع، جاء عالمي الفيزياء ستيفن هوكينج وروجر بنروز مستلهمين من هذه الظاهرة الرصديّة في صياغة ما يسمي بنظريات المتفردة (Penrose-Hawking Singularity theorems)، وهذه النظريات قائمة على عدة افتراضات وهي:
- النظرية النسبية العامة صالحة للتطبيق في كل لحظة من لحظات عمر الكون.
- الكون يتوسع: أي أنّ زَمَكان (زمكان: منحوتة من زمان-مكان) الكون ديناميكي وليس ساكنًا.
- الكون متناظر ومتجانس على المستويات الكونية أي يبدو بنفس الشكل عندما تنظر إليه من أيّ مكان فيه.[1]
- طاقة الجاذبية تجذب الأشياء إلى بعضها البعض دائمًا أي أنها جاذبية ساحبة (Attractive Gravity).
بالتسليم بصحة هذه الافتراضات، وعندما نرجع بالزمن للوراء، نكتشف أن الكون قد انسحق تحت تأثير طاقة الجاذبية في مُتَفَرِّدة[2] كونية، تمثل هذه المتفردة بداية الزمن والمكان والطاقة وقوانين الفيزياء، قبل هذه المتفردة لا يوجد أي شيء (عدم محض)[3]، فرح اللاهوتيون بهذه النظرية كثيراً لأنها تؤيد الفكرة التي قالت بها الكتب المقدسة – فكرة الخلق من العدم المحض – فقبل المتفردة كما ذكر لم يكن هناك أي شيء، فنتيجة ذلك ستكون أن زمن ومكان وطاقة الكون خلقوا من عدم محض في هذه المتفردة التي توسعت بعد ذلك وأنتجت الكون، عالمي الكونيات فرانك تبلر وجون بارو يذكران ذلك في كتابهما ”المبدأ الكوني الإنساني“[4]، متفردة الإنفجار العظيم = خلق من عدم محض (Creatio ex nihilo).
– التشكيك في افتراضات نظرية الانفجار العظيم:
هذه النتيجة لم تعجب العديد من علماء الكونيات وخصوصاً الملحدين منهم، فبدؤوا في التشكيك في الافتراضات التي تقوم عليها نظرية الانفجار العظيم، فشككوا في الافتراض الأول، والافتراض الأخير:
- النظرية النسبية العامة ليست صالحة للتطبيق عند كل لحظة من لحظات عمر الكون، ولتبرير هذا الاعتراض جادلوا بأننا عندما نرجع بالزمن للوراء، الكون ينكمش، ويصغر في الحجم أكثر فأكثر حتي نصل لمستويات كمومية صغيرة جداً، أي أن حجم الكون في فترة من الفترات كان صغيرًا جدًا = الكون كان نظامًا كموميًّا هنا، وبالتالي فالنظرية النسبية العامة غير صالحة للتطبيق في هذه الفترة من فترات عمر الكون، فهي لا تصلح لوصف الأنظمة الكموميّة الصغيرة في الحجم، هي تصلح فقط لوصف الأنظمة الكلاسيكية أي الأنظمة الكبيرة في الحجم، وبالتالي فالمتفردة هي مجرد نتيجة لتطبيق نظرية في مكان لا تصلح للتطبيق فيه أساساً، فعندما نصل لنظرية تصف طبيعة الزمكان أو الكون عند هذه المستويات الكمومية الصغيرة – وهذه النظرية غير موجودة حتى الآن وتسمى نظرية الجاذبية الكمية (Quantum Gravity) – ستتم إزالة هذه المتفردة من الوجود وسنعرف كيف نشأ الكون بشكل مادي طبيعي دون الحاجة إلى اللجوء لخالق أو مسبب فوق طبيعي.[5]
- طاقة الجاذبية ليست بالضرورة طاقة ساحبة، تجذب الأشياء لبعضها البعض، لكي ينسحق الكون في متفردة يجب أن تكون طاقة الجاذبية طاقة ساحبة أي طاقة تُقرِّب مادة الكون من بعضها البعض حتى تلتقي كل مادة الكون في نقطة واحدة تُسمَّى المتفردة، لكن هؤلاء العلماء يجادلون بأن النظريات الحديثة عن الكون تقترح أن هذا الافتراض خاطئ أيضًا، كما ذُكِر في الأعلى بالرجوع بالزمن للوراء الكون ينكمش ويصغر في الحجم أكثر فأكثر بالتالي فتسلسل الأحداث الكونية من الماضي إلى المستقبل سيكون هكذا؛ في البدايات الكون أو الزمكان يكون نظامًا كموميًّا صغيرًا في الحجم جدًا (والنظرية النسبية العامة غير صالحة للتطبيق في هذه الفترة) ثم يبدأ هذا النظام الكمومي الصغير في التوسع أكثر فأكثر فيكبر في الحجم ويتحول الكون من نظام كمومي صغير إلي نظام كلاسيكي كبير (وهنا يمكن تطبيق النسبية العامة لأن حجم الزمكان أصبح كبيرًا) ثم يتكون الهيدروجين والهيليوم وتتكون النجوم من هذه العناصر وتبدأ عملية تخليق العناصر الكيميائية الأخرى في النجوم ثم تتسلسل بقية الأحداث حتى تظهر الحياة.
كيف تحوَّل الزمكان أو الكون من شيء كمومي متناهي الصغر إلى شيء كبير نسبياً؟ العلماء يفترضون أن هناك فترة في عمر الكون تسمي فترة التضخم الكوني (Cosmic Inflation)، هذه الفترة من عمر الكون هي ما حولت الكون من نظام كمومي صغير إلي نظام كلاسيكي كبير نسبياً، في هذه الفترة زاد حجم الكون بمعدل مليون مليار مليار مليار مليار مليار مليار مليار مليار مرة من حجمه في زمن قدرة مليون مليار مليار مليار جزء من الثانية، والقوة التي تسببت في هذا التوسع الشديد السريع يجب أن تكون قوة دافعة بكل تأكيد أي قوة تبعد الأشياء عن بعضها البعض بسرعة كبيرة، هذا النوع من القوي يُسمى الجاذبية التنافرية (Repulsive Gravity), فالجاذبية ليست دائماً قوى تجذب الأشياء لبعضها، قد تكون تنافرية أي تبعد الأشياء عن بعضها فتسبب توسعًا بدلًا من الانكماش، وهكذا وحسب نظرية التضخم الكوني تم التشكيك في فكرة أن الجاذبية كانت قوةً جاذبة دائمًا،[6] وبالرغم من أن نظرية التضخم الكوني ليس عليها أي دليل تجريبي مباشر حتى الآن، حتى أن عالم الفيزياء والرياضيات الحاصل علي جائزة نوبل العام الماضي روجر بنروز يصفها بأنها مجرد ”خيال“[7] إلا أن معظم علماء الكونيات يُصدِّقون هذه النظرية لأنها تَحُلُّ العديد من المشاكل في نموذج الانفجار العظيم التقليدي الذي لا يَفترِض حدوث تضخم.
– بدائل نظرية الانفجار العظيم:
يوجد عدد لا حصر له من البدائل المقترحة لنظرية الانفجار العظيم، كل عالم فيزياء نظرية يَدلو بدلوه هنا، كل عالم يبني نموذجًا رياضيًا يحكي لنا فيه قصة مختلفة عن كيفية ظهور الكون، الشيء المشترك الوحيد بين كل هذه البدائل كما يقول عالم الكونيات (George F. R. Ellis) هو: ”ومع ذلك، فإن كل هذه المقترحات تخمينية بقوة، ولا يوجد أي منها قائم على أساس قوي في فيزياء مُثبتَة ومُختبرَة، ولا يوجد أي منها بأي معنىً جدّي مدعوم بأدلة رصديّة. كلها استقراءات واسعة من المعروف للمجهول. قد تكون أو قد لا تكون صحيحة. هناك شيء واحد مؤكد: لا يمكن أن تكون جميعها صحيحة“.[8]
تفاصيل هذه النماذج المقترحة مختلفة، لكن الفكرة العامة في معظم هذه النماذج هي أنها إما تفترض أن:
- الكون نتاج حالة ماديّة أزليّة، ومثال ذلك النماذج الكمومية لخلق الكون من ”لاشيء“ (Cosmology from Nothing)، لكن هذا اللاشيء بالتأكيد لا يكون ”عدمًا محضًا“ بل هو شيء ما، كفراغ كموميّ مثلاً أو قوانين فيزيائية تعمل في بنيات رياضية وهذه الأشياء يتم اعتبارها ”أزلية“، مناصرو هذه النماذج علماء مثل لورانس كراوس، ألكسندر فلنكن.
أو
- الكون دوريّ؛ وجود يولد من رحم وجود مادي آخر وهكذا سلسلة دورات لمالانهاية، ومثال ذلك نموذج روجر بنروز الذي وضع نظريات المتفردة بنفسه مع ستيفن هوكينج المُسمَّى علم الكون الدوري المطابق (Conformal Cyclic Cosmology)، أو نماذج دوريّة للكون معتمدة علي نظريات مرشَّحة لأن تكون هي النظريات التي تصف الزمكان على المستويات الكموميّة الصغيرة في بداياته مثل نموذج نظرية الجاذبية الكموميّة الحَلَقِيَّة، علم الكون الكمومي الحلقي (Loop Quantum Cosmology) ومناصرو هذه النظريات علماء مثل أبهاى اشتيكار وكارولو روفيلي ولي سمولين، أو نموذج إكبيروتيك (Ekpyrotic model) لنظرية الأوتار الفائقة ومناصرو هذا النموذج علماء مثل بول شتاينهاردت.
بمعنى في الحالتين لا نحتاج خالقًا أو مسببًا فوق طبيعيٍّ للكون. ويُمكِن تفسير ظهور الكون بشكل طبيعي.[9]
– الدليل المنطقي العقلي أنه لابد من وجود خالق فوق طبيعي للكون:
لا يوجد أي شيء خاطئ في رفض كل هذه البدائل على أساس وجود ضعف منطقي وعقلي فيها، لأن هذه البدائل كما ذُكِر بالأعلى هي مجرد تكهّنات لبعض العلماء وليست علمًا تجريبيًا مُدعّمًا بأدلة رصديّة، لتوضيح نقاط الضعف فيجب أن تعلم أولاً أن علماء الكونيات – آلان جوث وألكسندر فلنكن وأرڨند بورد – وضعوا مبرهنة شهيرة تسمي (Borde-Guth-Vilenkin theorem) أو (BGV theorem) هذه المبرهنة قائمة على شرط واحد فقط ”التوسع“، وتقول أنه حتى لو الجاذبية في فترة من فترات الكون كانت جاذبية طاردة كما حدث في فترة التّضخّم الكوني، فإن الزمكان إن كان ”يتوسع فقط“ فلابد من وجود بداية له، ولا يهم أي شيء آخر، لكن هذه المبرهنة أيضاً قائمة على رياضيات النسبية العامة يعني تَخُصُّ الزمكانات الكلاسيكية فقط ولا يمكن تطبيقها علي الزمكانات الكمّيَّة فهذه المبرهنة = زمكان كوننا الكلاسيكي لابد له من بداية أو بمعنى آخر فترة التضخم الكوني لابد لها من بداية.[10]
كما ذكر بالأعلى تسلسل الأحداث الكونية كان:
الزمكان الكمومي (الحالة الكمومية) يحصل له تضخم كوني ويكبر في الحجم منتجاً الزمكان الكلاسيكي ويستمر الكون في التوسع بعد ذلك حتى يصل للشكل الذي نراه عليه الآن، ومبرهنة BGV ليست صالحة للتطبيق على الزمكان الكموميّ نفسه، هي تطبق فقط لمّا يبدأ هذا الزمكان الكمومي في التضخم ويظهر الزمكان الكلاسيكي.
الآن أنت أمام خيارين إما أن تقول أن الحالة الكمومية (الزمكان الكمّي)، التي انبثق منها الزمكان الكلاسيكي بالتضخم أزلية لم تُخلَق كما تزعم بعض النماذج المذكورة بالأعلى، أو أنها مخلوقة.
لو هذه الحالة الكمومية أزلية وهي ما خلقت الزمكان الكلاسيكي، كيف الزمكان الكلاسيكي له بداية إذن؟ يجب أن يكون الزمكان الكلاسيكي ملازمًا لعلّته في الأزليّة أي يكون هو الآخر أزليًا فنحن أمام حالة كمومية موجودة في الأزل، إذن يجب أن تَخلُق زمكانًا كلاسيكيًا من الأزل أيضاً، فنتيجة العلل المادية ترافقها دائماً فهي علل مجبورة، علي سبيل المثال النار (علة) ترافقها دوماً الحرارة (نتيجة) لا يمكن أن تختار النار أن لا تكون مصحوبة بالحرارة أو نواة ذرة غير مستقرة مثلاً (علة) ستجدها دوماً تشع بعض الطاقة لتصل لحالة الاستقرار (نتيجة) لا يمكن أن توجد نواة ذرة غير مستقرة وتختار أن لا تشع بعض الطاقة، ما إن وجدت العلة المادية النتيجة ترافقها دوماً، لذلك لو هذه الحالة الكموميّة أزليّة وهي ما سببت الزمكان الكلاسيكي يجب أن يكون الزمكان الكلاسيكي هذا مصاحبًا لهذه العلة في الأزليّة أي يكون أزليًا أيضًا لكن قلنا في الأعلى أن هناك دليلًا قويًّا أن الزمكان الكلاسيكي (أو فترة التضخم الكوني) له بداية إذن ف (علته) أيضًا يجب أن تكون لها بداية، فهذه الحالة الكمومية لا يمكن أن تكون أزلية بالمنطق والعقل فمن أين جاءت؟
إما جاءت من حالة مادية أخري لا نعرفها أو جاءت بواسطة خالق، لو جاءت من حالة مادية أخرى فهل هذه الحالة أزليّة؟ لو أزليّة سنرجع لنفس المعضلة، مجرد رجوع في المعضلة خطوةً للوراء فقط حالة مادية غير معروفة موجودة في الأزل، يجب أن تخلق زمكانًا كموميًا موجودًا في الأزل أيضًا، سيترتب على ذلك أن الزمكان الكلاسيكي المنبثق من الزمكان الكمومي يجب أن يكون أزليًا أيضًا، لكن كما ذكرنا الزمكان الكلاسيكي له بداية إذن لا يمكن أن تكون هذه الحالة المادية أزلية هي الأخرى فمن أين جاءت؟ فلا يمكن أن تكون علة الكون علة مادية أزلية هذه طبيعة سَبَبِيَّة الأحداث المادية (Event Causation) لو الشيء الذي أحدث الكون كان حدثًا ماديًا أزليًا يجب أن يكون الكون أيضاً أزليًا مرافقاً لهذا الحدث في الأزليّة، لا يوجد طريقة للخروج من هذه المعضلة سوى افتراض تسلسل العلل المادية السببي إلى مالانهاية في الماضي (Infinite Regress) كما تزعم بقية النماذج، لكن هذا أيضاً ممتنع منطقيًا وعقليًا، لو الأحداث تسلسلت لمالانهاية في الماضي لما وجد كوننا أصلاً، فحدث خلق الكون لن يأتي أصلاً لأن قبله مالانهاية من الأحداث، والعديد من المفارقات توضح ذلك مثل مفارقة فندق عالم الرياضيات الكبير ديڨيد هلبرت، تخيل أنّ لديك فندق يتكون من غرف لانهائية وكل هذه الغرف اللانهائية محجوزة من قبل أشخاص عددهم لا نهائي، الآن تخيل أنّ ضيفًا جديدًا جاء إلى الفندق، هناك خيارين أمام صاحب الفندق تجاه ذلك الضيف الجديد
- الأول أن يقول له عفواً لا نملك غرف فارغة، ولكن الرياضيات تخبرنا أنه يمكن حل مشكلة الضيف الجديد عبر تزحيف الضيوف غرفة واحدة إلى الأمام فالضيف في الغرفة 1 ينتقل إلى 2 فيتسبب ذلك في خلو الغرفة 1 و2 ينتقل إلى 3 فيتسبب ذلك في خلو الغرفة 2 و3 ينتقل إلى 4، وهكذا فهذا يعني أنه في النهاية سوف يتسبب ذلك التسلسل في توفير غرفة واحدة للضيف الجديد لكن كيف يمكن ذلك؟ الأمر لا يبدو معقولاً لأنه قبل أن يأتي ذلك الضيف كانت كل الغرف محجوزة فحتى يمكن أن يدخل شخص جديد لابد أن يخرج شخص من الفندق وهذا يعني أن فكرة وجود سلسلة سببية لانهائية فكرة غير معقولة، فكرة متناقضة مع نفسها بل وإن الموضوع يزداد سوءًا حيث يستطيع صاحب الفندق أن يلجأ إلى
- الخيار الثاني، فيستطيع أن يفعل حيلة رياضية أخرى توفر له عدد لا نهائي من الغرف الفارغة فمثلاً إذا نقل صاحب كل غرفة إلى غرفة تعادل ضعف الغرفة التي يسكن فيها 1 يذهب إلى 2، 2 يذهب إلى 4، 3 يذهب إلى 6 وهكذا سوف يتسبب ذلك في توفير غرف ما لا نهائية لإستقبال عدد لا نهائي من الضيوف داخل الفندق مع أن كل الغرف محجوزة ومع أن عدد الضيوف لم يقل، التعارض واضح جداً فهل يوجد عاقل يمكنه القول أن هكذا فندق يمكن أن يوجد؟ بالطبع لا هذا يجعلنا نفهم أن فكرة وجود عدد لا نهائي من الأحداث السببية المتسلسلة هو أمر مستحيل عقلاً ولو طبقنا الأمر على الكون ايضاً سوف يصبح وجود الكون في سلسلة سببية ما لانهائية من الأحداث أمر مستحيل عقلاً ومنطقاً في الحاشية رابط لڨيديو يشرح المفارقة بشكل أسهل[11] – يوجد حتى العديد من علماء الفيزياء الذين يجادلون على أُسسٍ فلسفية ومنطقية بأنه لا يمكن منطقيًا أو عقليًا وجود تسلسل سببي لانهائي في العالم الطبيعي المادي[12].
«الاستنتاج المنطقي العقلي الوحيد لكل ما ذكر إذن هو أن سبب وجود الكون يجب أن يكون خالقًا (Agent Causation)، هذا الخالق هو بالضرورة أزلي خارج زمان ومكان الكون لاستحالة التسلسل السببي اللانهائي في العلل، وليس ماديًا (Event Causation) لأن نتيجة العلل المادية ترافقها في الأزلية، أما الخالق فيمكنه أن يكون أزليا ومع ذلك يخلق شيئًا ”ليس أزليًّا“ لأنه ليس علة مادية مجبورة بل هو علة مختارة قادرة على أن تفعل أو لا تفعل[13].
[1] هناك فرق بين التناظر والتجانس، يُقصد بالتجانس تماثل المُتجانس في أي مكان فيه، ويُقصد بالتناظر تماثل المُتناظر في كل الاتجاهات، فالتناظر تجانسٌ زاويّ. (المحرر)
[2] المتفردة هي نقطة هندسية – لا أبعاد فراغيّة لها- تحمل صفات فيزيائة أهمها الكتلة وسميت بذلك لأن كثافتها لا نهائية بقسمة كتلتها على حجمها وهو صفر، عادة لا يُعرَّف لهذه النقاط كثافة كالكتلة النُّقطيّة والشحنة النُّقطية، لكن لما كان للكون كثافة صارت متفردة. ويُمثل ذلك في النسبية العامة بما يُشبه الثقب الأسود.
[3] في الحقيقة نظرية الانفجار العظيم لم تبدأ من هناك بل من حالة ابتدائية وما قبل تلك الحالة الابتدائية له عدة تأويلات ومحاولات تفسيرية لكن المعادلات التي توصلنا للحالة الراهنة تبدأ من حالة ابتدائية، ثم يستتبعون قائلين تلك الحالة غير مستقرة…الخ (المحرر)
[4]https://global.oup.com/academic/product/the-anthropic-cosmological-principle-9780192821478?cc=us&lang=en&
[5] https://iopscience.iop.org/article/10.1088/1367-2630/7/1/198
[6] https://arxiv.org/abs/hep-th/0702178
[7] https://press.princeton.edu/books/hardcover/9780691119793/fashion-faith-and-fantasy-in-the-new-physics-of-the-universe
[8] https://arxiv.org/abs/astro-ph/0602280
[9] https://arxiv.org/abs/astro-ph/0602280
[10] https://journals.aps.org/prl/abstract/10.1103/PhysRevLett.90.151301
[11] https://youtu.be/Uj3_KqkI9Zo
[12]https://academic.oup.com/mnras/article/347/3/921/1021585, https://www.nature.com/articles/s41567-018-0238-1
[13] https://link.springer.com/article/10.1023/A:1017083700096
بارك الله في كاتب المقالة؛ منذ قرأتها لم أنفك عن إعادتها وتكرارها!