عام

هل يغير الانستجرام نظرتنا للعالم؟

  • بيلا ماكي
  • ترجمة: فاطمة بنت عادل عبد العزيز
  • تحرير: المها العصفور

بدأ الأمر بطعامنا، ووصل إلى تصميم أحياء بأكملها لتبدو “لائقة” على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن إذا كنا لا نرى العالم إلا من خلال شاشة، هل نفتقد الصورة الأكبر؟

إن كنت في مدريد وتبحث عن مكان لتناول الطعام، بإمكانك فعل ماهو أسوأ من دخولك سوبرينو دي بوتين -أقدم مطعم في العالم اُفتتِح في1752م- هناك يمكنك تذوق طبق “الخنزير الصغير” المحُضَّر جيدًا، بينما تستمتع بالجو. لقد كان إرنست همنغواي يتردد على هذا المطعم، والذي لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة، إلا أن هذا لم يمنع الناقدين من وصفه بأنه “ضيق” و”سلالمه زلقة”. في القرن الثامن عشر: كانت الإضاءة والتصميم الداخلي ثانوية بالنسبة لتناول الطعام مع بعض الخمور الجيدة -كما قال همنغواي  بنفسه: “ندمي الوحيد في الحياة هو أنني لم أشرب المزيد من النبيذ”-. لكن في عام 2018: نريد أكثر من مجرد تناول وجبة طعام. ففي عصرنا الرقمي الأماكن التي نختار زيارتها وتناول الطعام والبقاء فيها بشكل دائم تحتاج إلى أن تكون منظمة وراقيه بطريقة عصرية ليصلح نشرها على الانستجرام؛ أصبح التصميم هو كل شيء، وإن لم يكن كذلك، فسيكون على الأقل هو ما يفتح شهيتنا ونتلذذ به كالمقبلات والحلوى.

هذه الأولوية الجديدة لا تعني فقط تحضيرُ طعامٍ وبناءُ مطاعمٍ يمكن تصويرها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من أن الكثير من المطاعم تلبي بالفعل هذه الحاجة حيث تقدم أطعمة مثل البوظة الرمادية والخبز متعدد الألوان. لكن يتمثل التحدي الذي يواجه الشركات في جعل مبانيها جذابة “للمؤثرين” على وسائل التواصل الاجتماعي، لذا فهم يشكلون عاصفة أمام متجرك أو فندقك، ويجذبون المتابعين المتعطشين للحصول على فرصة مثالية لالتقاط الصور.

 استفاد مقهى ايفلين بار -الواقع في الحي الشمالي بمانشستر- من رغبة العملاء العصريين في الحصول على خلفية جذابة للتصوير. يقول أنجوس برايد -المدير- إنه استوحى إلهامه من ثقافة المقاهي في لوس أنجلوس، “حيث شعرتُ أنه أكثر انسجامًا مع مفهوم الأطباق الشرق أوسطية الصغيرة والكبيرة التي نقدمها. ابتداءً لم تكن فكرة تصوير العملاء في المقهى ضمن اهتمام الإدارة، ولكن عندما أدركنا أننا “أصدقاء انستجرام” من قِبل عملائنا، قمنا بتكييف نمط المقهى وأصبح ذلك أولوية عندنا”. يستخدم المقهى مزيجًا من الخامات والمواد المتنوعة للديكور وهو مليء بالنباتات المعلقة؛ لكنه، كما يقول برايد، يضع علاوة على تصميم المبنى الذي يتمتع بعمر طويل شيئًا أكثر حداثة لأغراض وسائل التواصل الاجتماعي.

الأمر ليس مجرد إعادة تصميم داخلي. يعتبر المهندس المعماري الشهير ريتشارد روجرز أن بلدة بينزا في توسكان -التي أصبحت الآن موقعًا للتراث العالمي- هي أول محاولة عظيمة لتصميم حضري إنساني. في عهد البابا بيوس الثاني، أعيد تشكيل المدينة عام 1459 حول ساحة رئيسية تبدو وكأنها غرفة في الهواء الطلق – مما شجع الزوار على البقاء والاستمتاع بجمالها. عندما كنت أعيش في شورديتش في لندن، غالبًا ما كنت أتساءل ما الذي سيجنيه بيوس من فعل نفس الأمور لكن بطريقة مختلفة؟!

 إن أي شيء في مدينة “شورديتش” غالبًا ما يسبق بكلمة “عصري”، وذلك لإغواء أي شخص يحمل هاتفا ذكيا. المقاهي والمطاعم مليئة بالنباتات المعلقة ومطلية بلون “روز قولد” واللافتات الملهمة والتفاصيل المصممة لتُعرض على الإنترنت. وبالنظر إلى الجداريات والمتاجر وسوق الزهور الشهير، فإن هذا غالبًا يعني أن الاندفاع السريع إلى متجر الحليب تعيقه الصور المرتجلة للسائحين، وذلك بفضل الفرص اللانهائية لمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي الأنيقة. إن قضاء يوم في شورديتش -حيث ينظر الجميع من خلال عدسة الكاميرا استعدادًا للتصوير- يمكنه أن يدفع المرء للشعور بعدم الواقعية.

لقد ذهب التجديد المذهل للـمنطقة المحيطة بمحطة (King’s Cross) في لندن فى السنوات الاخيرة إلى أبعد من ذلك. ارتفعت المباني الزجاجية المتلألئة إلى جانب الجدران المغطاة  بالنباتات والنوافير متغيرة الألوان واللوحات الإعلانية الفنية، يتميز كل جزء من المنطقة الآن بشيء يبدو وكأنه درجات مغطاة بالعشب الصناعي حيث يتناول الناس الغداء بجانب أرجوحة نيون عملاقة، وهم يصرخون من أجل التصوير. ثم فى محطة (King’s Cross)، هناك منصة 9¾ الخيالية التي ظهرت في كتب هاري بوتر، حيث يصطف المشجعون “لتحطيم” الحاجز. حتى أن هناك مصورًا محترفًا مخصصا ليساعدك على الاحتفال بلحظتك. تعتقد كيت بيفيس، الخبيرة في التصميمات الداخلية القديمة، أن هذا النوع من التحضر المنبثق أصبح هو القاعدة؛ “يبدو أن الأشياء التى تراها على الانستجرام، مثل المنازل والجدران الملونة بألوان الباستيل، أصبحت أكثر وضوحًا في المدن والضواحي. تتزايد فرص التقاط صور السيلفي في الانستجرام فى كل مكان حتى في المناسبات. هذا هو المعيار الآن، لذلك من المنطقي للمهندسين المعماريين أن يبنوا تخطيطهم على هذا الأساس. ما سيحدث هو أن جميع مناطقنا المشتركة ستأخذ شكلًا وشعورًا جديدًا لتتناسب مع حاجة النشر على الانستجرام، ولكن في الواقع، هذا الاتجاه الآن هو مجرد شيء شائع نجده في مساحاتنا وحياتنا. لكن في غضون 10 سنوات، سيكون شيئًا آخر”.

لندن ليست وحدها عندما يتعلق الأمر بالمنشآت التي تلبي حاجتنا للترفيه البصري في شوارعنا. في الإحصائيات الصادرة عن انستجرام عام 2017: كانت نيويورك هي المدينة الأكثر تصويرًا، تليها موسكو ولندن؛ ولكن ربما أكثر من أي مكان آخر، أدركت لوس أنجلوس واستفادت من قوة وسائل التواصل الاجتماعي عندما يتعلق الأمر بالتصميم. فمدينة تقع أسفل لافتة هوليوود الشهيرة، لا ينبغي أن يكون مفاجئًا كثيرًا أن متطلبات “عدسة الكاميرا” مهمة للسكان. تشير ألكسندرا لانج -خبيرة الهندسة المعمارية- إلى إنها موطن لواحد من المقاهي الأولى التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي؛ “يعتبر مقهى (Intelligentsia’s Silver Lake Coffeebar) -المصمم من قبل المعمارى بيسترو-  أحد الأمثلة الأولى، فقد أخذ الجميع يدقون بأحذيتهم على أرضية القرميد”. يُظهر البحث على وسائل التواصل الاجتماعي أن المكان عبارة عن أنشطة ملونة، حيث يستحوذ البلاط الأزرق العميق على أكبر قدر من الاهتمام؛ يحتوي حساب المقهى الآن على 20000 صورة عليها إعجابات من العملاء على انستجرام.

 تحرص أميليا بيرين، كاتبة ومدونة على الانستجرام لديها أكثر من 10000 متابع، على زيارة الأماكن التي ستوفر لها صورة جيدة. تقدم بعض المطاعم -مثل سلسلة ديرتى بونز- أدوات ومعدات لمساعدتك في الحصول على أفضل لقطة. “أنا بالتأكيد سأتردد في الذهاب إلى مكان ما فقط من أجل طعام يبدو شهيًا، بل سأذهب للأماكن التي يدرك أصحابها أنه سيتم التقاط صور لها، وتميل إلى جعل التصميمات الداخلية تتناسب مع الطعام من حيث قابلية التصوير، وهو أمر منطقي عندما تكون وسائل التواصل الاجتماعي لها نوع من القوة توازي قوة المال في الوقت الحاضر”. بينما تقول بيرين إنها لن تذهب إلى الأماكن من أجل الديكور الجميل فقط، فهي تعتقد أن الطعام والديكور “جنبًا إلى جنب” من الأهمية بمكان. “أنا مستعدة للذهاب إلى مقهى يبدو سيئ المظهر إذا قيل لي أن الطعام لا يقاوم، ولكن من الذي لا يريد الجلوس في محيط جميل بدلاً من ذلك؟”

تعترف بيرين بأنها لا تقاوم الأماكن التي تبدو رائعة في الصور: “أردت أن أذهب  إلى مقهى جميل لتناول شاي بعد الظهيره في عيد ميلادي، لذلك ذهبنا إلى (Mad Dogs and Englishmen) لأنني سمعت أن التصميمات الداخلية كانت مذهلة. إنهم يقومون بتدوير طاولات الشاي بعد الظهر ولم أبذل عناء لقراءة قائمة الطعام أو ما سنأكله لأنني كنت متحمسة للغاية بشأن شكل التصميمات الداخلية، بينما عادةً ما أتحقق بدقة من القوائم. كان الطعام رائعًا في النهاية، لكنني اخترت بالتأكيد الذهاب إلى هناك بناءً على الصور التي رأيتها للديكور”.

تصميم المطعم الذي يلفت الأنظار ليس شيئًا جديدًا: المقاهي المضاءة بالنيون في الولايات المتحدة في منتصف القرن العشرين غالبًا ما كانت تحتوي على نقانق عملاقة أو كعك على أسطحها. ولكن على الرغم من أن كلا النهجين يهدفان إلى جذب العملاء، يقول لانج إن هناك اختلافات مهمة: “صُممِت الأسطح الأنيقة في الخمسينيات -غالبًا ما يمسى هذا النمط بـ جوجي- خصيصًا لجذب انتباه السائقين وتكون مرئية عبر ممرات المرور، وتعمل في نفس الوقت كلوحات إعلانية ومطاعم عاملة. بينما تعمل الصور من مطعم على انستجرام كلوحات إعلانية رقمية، أعتقد أن هناك فرقًا كبيرًا عندما تَقسِم التجربة وتضع ميزة جذب الأشخاص غير المتواجدين في المنطقة”.

يؤكد ستيفاني إلينبيكر-المدير التنفيذي لمدونة أسلوب الحياة- على الحاجة إلى الحفاظ على التصميم عمليًا ودائمًا في مواكبة اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي الضخمة. “بالنسبة لنا، يتعلق الأمر أكثر بما هو أفضل أو يبدو أكثر تماسكًا بدلاً من السعي دائمًا للبقاء”. “نظرًا لأننا نشاهد الحياة بشكل دائم من خلال شاشة الهاتف، أعتقد أن حياتنا بطريقة ما، أصبحت مشوهة. في تصميماتنا، نحاول دائمًا تشجيع “العملية/الوظيفية” أولاً وقبل كل شيء”.

ليست الأماكن والأحياء فقط هي التي تتكيف مساحاتها لتناسب جيل الهواتف الذكية. تتطلع المتاحف والمباني العامة الآن إلى وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة أعداد الزوار. متحف اللوفر هو أكثر المتاحف التي صُوِّرت على إنستجرام، وهو أمر غير مفاجئ عندما يتحسر النقاد منذ فترة طويلة على الشجار اليومي للحصول على صورة للموناليزا. لكن شعبية المتحف تعززت مؤخرًا من خلال قرار تصوير فيديو موسيقي هناك. وبعد ذلك، قدّم المنظمون جولة مدتها 90 دقيقة يمكنك من خلالها مشاهدة الفن المعروض في ذلك الفيديو (وبطبيعة الحال، التقاط صور شخصية لإثبات ذلك).

تستضيف الأماكن الأخرى معارض جريئة من حيث الحجم واللون والتفاعل. الغرفة الماطرة -وهي عمل  تركيبي في باربيكان فى عام 2012- تجعلك تشعر كما لو كنت محاصرًا في هطول أمطار غزيرة، وقد سافرت الآن حول العالم جحافل من الناس لتوثيق هذه اللحظة.

في البندقية، أصبحت الأيدي العملاقة للنحات لورينزو كوين وهي تمتد من القناة وتمدد أحد المباني صورة ملهمة للسائحين وهم يتنقلون في حافلة مائية. من غير الواضح كم منهم عرف أن النحت كان يهدف إلى تسليط الضوء على تغير المناخ والتهديد الذي يشكله على المدينة الجزيرة.

أشاد الناقد الفني فالديمار جانوشاك، في مراجعة  معرض منحوتات تايم اوف فريز -المعروض حاليا عبر حديقة ريجنت بارك فى لندن- بإعادة ابتكار النحت العام: “لقد كان النحت يتخذ مظهرا دينيا، ومتكررا، ومملا؛ الآن هو ابتكاري ومتنوع وممتع”. أثناء تجولك عبر الشاشة، ستجد طيور البطريق العملاقة ومنازل ويندي الضخمة وصناديق زجاجية إلى جانب أبراج لامعة مصحوبة باقتباس قاتم غير ملهم: “ضاع كل شيء”. لكن من الصعب تجاهل عدد الأشخاص الذين يشاهدون المعروضات من خلال هواتفهم فقط، مستخدمين الفن كإضافة إلى صورة شخصية ممتعة، أو ربما يريدون فقط أن يعرف الآخرون أنهم قد تشربوا بعض الثقافة ولم يقضوا وقتًا في حمامات الشمس.

ربما كان أفضل مثال على قوة الجيل الجديد من المصورين عبر الإنترنت هو المعرض المقام في عام 2017 للفنان الياباني يايوي كوساما في لوس أنجلوس. بيعت التذاكر في غضون ساعة. بينما كانت لوحات كوساما تُعرض، كانت المعركة الحقيقية هي “غرف المرايا”. قام أحد الزوار، في سعيه لالتقاط صورة رائعة، بإتلاف أحد التركيبات. أشعلت شعبية هذه المساحات المليئة بالأضواء المتلألئة والمرايا التي لا نهاية لها والتي أتاحت التقاط صورة شخصية مثالية، جدلاً حول ما إذا كانت الطريقة التي استهلكنا بها الفن قد تغيرت. هل نستخدمه الآن لتعزيز صورتنا؟

وفقا لتقرير كالتشر تراك، الصادر عام 2017 عن شركة تسويق تتبعت أكثر من 4000 مستهلك ثقافي في الولايات المتحدة، قال المشاركون إنهم يفضلون الاستمتاع بدلاً من التعلم من خلال العروض الثقافية، ويفضلون تجربة أشياء جديدة على تعلم شيء جديد في المعارض.

وجدت الدراسة أيضًا أن غالبية المستجيبين أرادوا وجود خبرات رقمية في جميع الأنشطة الثقافية.

ربما يجب على أولئك الذين شملهم الاستطلاع النظر في متحف الولايات المتحدة للمثلجات. بعيدًا عن الرحلات المدرسية التعليمية في طفولتك، يمكنك هنا الالتحاق بمجموعة من الرشاشات، والقفز في حقل من الدببة الصمغية، والأهم من ذلك: يمكنك توثيق التجربة بأكملها. أصبح المشروع ظاهرة رقمية، مع أكثر من 160 ألف منشور على انستجرام. تُظهِر الصور حلوى عملاقة، وأشخاصًا سعداء على أراجيح وردية، وآخرون يتظاهرون في مركز التسوق المزخرف.

تشير أليكساندرا لينغ إلى أن مناطق الجذب الجديدة -مثل هذا أو كالر فاكتوري وهو معرض متنقل آخر- يبدو أنه قد صُمِم بالكامل تقريبًا للجمهور مستخدمي الكاميرات “ما يبدو واضحا جدا في الصورة هو خلفية ضحلة جدًا وثابتة ذات لون ساطع أو نمط متلألئ؛ ولكن هذا لا علاقة له بالراحة أو وقت السكون، الذي يتطلب العمق. وعادةً تكون تلك الأماكن هي التي تنجذب فيها العين إلى الأشخاص الذين تتواجد معهم أكثر من الديكور”.

حتى أن أماكن الجذب السياحي مثل: دريم لاند فى مارجيت قد أنشأت يومًا كاملاً في الخارج مصممًا لك لالتقاط الصور،  فالعلامات التي كانت تقول “ممنوع التقاط الصور” تناشدك الآن بشكل متزايد “من فضلك التقط الصور!” ولا تنسى وضع هاشتاغ!

يقول لانج: إن الاتجاه لتوثيق كل ما نراه على الإنترنت أدى ببعض المهندسين المعماريين إلى اللعب بالحجم والشكل لجذب الانتباه. مجموعة Bjarke Ingels Group) (BIG)) باعتبارها الشركة الرائدة في هذا الاتجاه، صممت فندقًا به منحدر للتزلج على سطحه، ومباني تبدو وكأنها ترقص معًا ومسرحًا على شكل قوس. قامت نفس الشركة مؤخرًا بتصميم مبنى مُصمَّم ليبدو مثل كتل الليغو الملونة العملاقة. “بالنسبة للهندسة المعمارية، فإن هذا التوجه نحو أشكال أكثر شناعة، قد حازت فيه الشركة قصب السبق بشكل لا يصدق، ورأيت شركات أقل شهرة تقلدها”.

 ماذا يعني كل هذا للابتكار في التصميم؟ كلما زاد اعتمادنا على هواتفنا الذكية، يبدو أن قدرتنا على التركيز تتضاءل، لذا تضطر المتاجر والأماكن التي نزورها إلى العمل بجدية أكبر لتزويدنا بطرق جديدة لتجربة الحياة من خلال أجهزتنا. لا ينبغي أن نتفاجأ إذا بدأت الأماكن التي نتردد عليها تتداخل مع بعضها البعض. كما يقول لانج: “يبدو التصميم من انستجرام لـ انستجرام وكأنه ثعبان يأكل ذيله؛ يبدو كل مكان وكأنه موجود في كل مكان آخر، وتُرهق العين بكثرة البلاط الخرساني أو غرف المرايا”.

يبدو أن الكثير منا ينظر إلى محيطنا فقط كخلفية لواجهة أعمالنا الشخصية. لكن هذا له ثمن. في الأساطير، عندما نظر نركسوس لأسفل إلى تلك البركة، لم يكن جمال الطبيعة هو الذي جذبه، بل كل ما رآه كان انعكاس صورته؛ الآن يبدو أننا جميعًا راضون عن رفض الجمال من حولنا لصالح العبث بالفلاتر.

المصدر
theguardian

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى