- جورج سيترونر
- ترجمة: روان محمد
- تحرير: غادة الزويد
هناك دراسات حديثة أثبتت أن تناول وجبة العشاء في وقتٍ متأخرٍ من الليل قد ينتج عنه زيادة في الوزن وارتفاع في مستويات السكر في الدم بغض النظر عن نسبة السعرات الحراريّة.
تناول وجبة العشاء في الساعة العاشرة مساءً بدلاً من السادسة مساءً يؤثر على نسبة الجلوكوز في الدم بالإضافة إلى تأثيره في إمكانية حرق الدهون.
هناك دراسة أيضاً تقول: أن الذين يتناولون العشاء في وقت متأخر تصل ذروة ارتفاع نسبة السكر في الدم غالبًا إلى ٢٠٪ كما تنخفض بالمقابل معدلات حرق الدهون نحو ١٠٪ مقارنةً مع الأفراد الذين يتناولون وجباتهم في وقتٍ مبكر.
تمّة مقولة تقليديّة تنص على أن ” السعرات الحراريّة هي سعرات حراريّة في أيّ وقت ” ولا علاقة لها بالوقت الذي نتناولها فيه، وأن الزيادة في الوزن ناتجة عن استهلاك الإنسان لكمية عالية جداً من السعرات الحراريّة تفيض عن حاجته الطبيعية.
نظرية :- “اكتسب سعرة حراريّة، اخسر سعرة حراريّة”
يسمى خبراء التغذية هذه النظرية بنظرية (التحكم بالوزن) وربما لا تكون في هذه السهولة كما يعتقد البعض؛ وُجِدت أبحاث جديدة تنص على أنّ الوقت الذي يتناول فيه الإنسان طعامه يلعب دوراً هاماً في مسألة زيادة الوزن.
الأكل في وقت متأخر مرتبط في زيادة الوزن :-
بناءً على دراسة حديثة نُشِرت في مجلّة جمعية “الغدد الصمّاء لعلم الغدد الصمّاء والتمثيل الغذائي” أن تأخير وجبة العشاء مرتبط في زيادة الوزن وارتفاع مستويات السكر بالدم بغض النظر عمّا إذا كانت هذه الوجبة نفسها التي يتناولها الإنسان في وقت مبكر.
يقول أستاذ الطب المساعد في جامعة -جونز هوبكنز- الدكتور جون: “كنّا على وعي بالأبحاث التي صدرت والتي تقترح وجود علاقة بين الأكل في وقت متأخر من الليل والسمنة المفرطة؛
ولأن الارتباط لا يعني السببيّ المطلقة لذلك أردنا أن نبحث في هذا الأمر بطريقة أكثر جديّة.”
أوضح الدكتور جون: أن فريق البحث أراد أن يستنتج مدى تأثير الأكل في وقت متأخر على عملية التمثيل الغذائي والتي بدورها ينتج عنها سمنة مفرطة.
ولهذا السبب قمنا بإجراء تجربة سريرية عشوائية لمجموعة من الأشخاص الأصحّاء؛ حيث طلبنا منهم الأكل في وقتين مختلفين مع ضبط نوعيّة الأكل والنظام الغذائي بالإضافة إلى وقت النوم.
وجبات متماثلة، وأوقات نوم متماثلة:-
قام الدكتور جون وفريقه بإجراء تجربة على 20 شخص من المتطوعين (10 من الرجال و 10 من النساء) وذلك لمعرفة كيف تتم عملية التمثيل الغذائي على وجبة العشاء التي تم تناولها في تمام الساعة العاشرة مساء بدلاً من السادسة مساءً.
وبعد ذلك خلد جميع الأفراد المشاركين إلى النوم في تمام الساعة الحادية عشر مساءً.
أظهرت نتائج الدراسة ارتفاعاً في مستويات السكر بالدم وانخفاضاً في معدل حرق الدهون لدى الأفراد الذين تناولوا وجبة العشاء في وقتٍ متأخر بالرغم من أن الجميع تناول الوجبة نفسها.
يقول الدكتور جون: “لم تكن النتائج مفاجئة لنا فهناك العديد من الباحثين أجروا تجارب مشابهة لما قمنا به نحن لينظروا إلى مدى التأثير على نمط الحياة والنظام الغذائي.. وهناك مختبرات أخرى أظهرت أن عند تناولك لطعامٍ خارج نطاق النمط الطبيعي لجسمك يؤثر سلباً على عملية التمثيل الغذائي للجلوكوز.
أوضحت نتائج الدراسة بأن الأفراد الذين يؤخرون تناول وجبة العشاء، ترتفع لديهم مستويات السكر في الدم بنسبة 20٪ وفي المقابل تقل معدلات حرق الدهون بنسبة 10٪ مقارنةً بالأفراد الذين يتناولون وجبة العشاء في وقت مبكر.
قال المؤلف الأول للدراسة والحاصل على درجة الدكتوراه وباحث ما بعد الدكتوراه بجامعة جونز هوبكنز الدكتور
(جون) في بيانٍ له:
“قد تكون التأثيرات التي رأيناها على المتطوعين الأصحّاء أكثر وضوحاً لدى الأشخاص المصابين بالسمنة أو السكري، والذين يعانون من ضعف التمثيل الغذائي.”
لا يوجد مقاس واحد يناسب الجميع:-
الأمر المثير للاهتمام في هذه الدراسة هو أن الباحثين وجدوا، أن ليس جميع الأشخاص يتأثرون بتناول الطعام في وقت متأخر بالطريقة نفسها!
قال جون: “أكثر ما يدهشني أن ليس كل شخص معرّض للخطر بنفس الطريقة. لقد كانت هناك مجموعة، كما تعلمون إذا نظرت إلى نمط النشاط في الأسبوعين السابقين، فإن الأشخاص الذين اعتادوا النوم في وقتٍ مبكر كان من المفترض تقديمنا وجبات متأخرة لهم.
ويقول أيضاً: “يبدو أن الأشخاص من “البوم الليلي” الذين يأكلون حتى وقت متأخر من الساعة الثانية أو الثالثة صباحاً ولم يتأثروا بالتغيير في وجبتهم؛ دليلاً على أن ليس هناك مقاسًا واحداً يناسب الجميع. وأن هناك اختلافات بين الناس في التمثيل الغذائي تجعلهم إما أكثر عرضة للتأثر بتأخر تناول الطعام أو أن هذا الأمر لا يزعجهم”
من أكثر الدراسات تفصيلاً في نوعها:-
أشار جون إلى أن هذه الدراسة أكثر تفصيلاً من الدراسات والأبحاث السابقة حول هذا الموضوع؛ حيث استعمل جميع المشاركون أجهزة تعقّب النشاط، وأخذو عيّنات من الدم، وخضعوا لدراسات النوم وفحص الدهون في الجسم، وتناولوا طعامًا يحتوي على علامات غير مشعّة لقياس التمثيل الغذائي في الدهون.
“خضع الأشخاص إلى مراقبة مكثفة للغاية أثناء تواجدهم في المختبر. قال جون: “لقد سحبنا الدم كل ساعة، وتم مراقبة نشاطهم ونومهم لمدة أسبوعين قبل مجيئهم إلى المختبر، لقد قدمنا ما يسمى بتتبع النظائر المستقرّة، لذا عندما يستهلكون طعامهم، يمكننا قياس مقدار الدهن الذي تناولوه هل احترق أو تأكسد”
عند سؤاله عما إذا كانت هذه الدراسة دليلاً قاطعاً على أن الوقت -وليس بالضرورة ما تأكله- هو الذي يمكن أن يسبب زيادة الوزن؟
كان جون واثقاً من إجابته، قال: “نعم، اعتقد أن هذا على الأقل يوضّح أن هناك منطقية بيولوجية أو تفسيرات بيولوجية لكيفية تأثير توقيت الطعام على الطريقة التي يتعامل بها جسم الإنسان مع السعرات الحراريّة”
قد تساعد النتائج في إعادة النظر لعادات الأكل:-
تقول الدكتورة – ليزا ديوالد ـ مديرة البرنامج في مركز ماكدونالد للوقاية من السمنة بجامعة فيلا نوفا، كليّة لويز فيتز باتريك للتمريض:
“على الرغم من أن الدراسة أجريت على متطوعين من الشباب البالغين الذين يتمتعون بصحة جيّدة؛ إلا أنها توفر لنا بعض المعلومات المفيدة لتوجيه عادات الاكل، وأضافت أن النتائج تلعب دوراً هاماً في الوقاية من الأمراض.”
” توفر هذه الدراسة تذكيراً بضبط عادات الأكل، لا بتناول فقط العوامل التقليدية مثل محتوى الوجبة وحجمها، ولكن أيضاً توقيت الوجبة؛ قد يؤثر على مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل مرض السكري وأمراض القلب في المستقبل”
وفقاً لديوالد:
يعتبر العشاء إلى حدٍ بعيد أكبر وجبة في اليوم لمعظم البالغين من حيث السعرات الحرارية.
وأوضحت أن الأشخاص المنشغلين عادةً ما يسرعون بتناول وجبة الإفطار والغداء، وهو ما يعني غالباً تناول الطعام في وقتٍ لاحق..
والذي بدوره يمكن أن يجعلك تتناول وجبة كبيرة في وقت متأخر من الليل، وهذا الذي توضّحه الدراسة؛ يمكن أن يؤدي هذا السلوك إلى بعض الصعوبات في التمثيل الغذائي للجلوكوز أو الدهون ليشمل الشباب الذين لديهم وزن مثالي وصحّي.
ما الذي ينبغي فعل إذن؟
أوصت ديوالد بتناول وجبة خفيفة صغيرة غنيّة بالبروتين مثل الزبادي اليوناني مع رشّة من المكسرات في وقت متأخر بعد الظهر إذا كنت تعلم أنك ستعود إلى المنزل في وقت متأخر.
وأضافت:
“كبح الشهية قليلاً بحيث إذا كان عليك تناول الطعام في وقت متأخر عمّا كان متوقعاً، يمكن أن تكون الوجبة خفيفة. وأن تحتوي على السلطات الصغيرة مع الدجاج المشوي ونصف ساندويتش وفواكه، أو كوب من حساء الخضار وكوب من الحليب قليل الدسم”
تقول ديوالد: “حاول أن تتناول أكبر وجبة لديك في وقت الإفطار أو الغداء إن أمكن”
الخلاصة :
- وجدت دراسة حديثة مفادها: أن تناول العشاء في وقت متأخر يمكن أن يسبب زيادة في الوزن وارتفاع في مستويات السكر بالدم بغض النظر عن السعرات الحراريّة.
- وجد الباحثون أن ليس كل الأشخاص يتفاعلون بنفس الطريقة ، والأشخاص الذين اعتادوا النوم مبكراً كان لديهم زيادة أكبر في الوزن نتيجة العشاء المتأخر. بينما الفئة الأخرى التي اعتادت أن تتناول الطعام في أوقات متأخرة من الليل كانت أقل تأثّراً بالتغيير في وقت الطعام.
- وفقاً للباحثين، يعد هذا دليلاً قاطعاً على أن تناول وجبة متأخرة يؤدي إلى زيادة في الوزن حتى لو لم تقم بزيادة السعرات الحراريّة المستهلكة.
- يقول الخبراء: عند العمل لأيام طويلة، من الجيّد أن يتناول الإنسان وجبات خفيفة صحية في فترة ما بعد الظهر للحد من شهيته لتناول العشاء في وقت متأخر.
اقرأ ايضاً: هل توقيت تناول الطعام أمر مهم؟