- د. وليام أ. جنتري
- ترجمة : ليان الفارس
- مراجعة: مصطفى هندي
- تحرير: عبد الرحمن الجندل
هل سبق وأن جربت شيئًا جديدًا كرياضة أو هواية بدأت ممارستها في وقت فراغك أو ربما برنامج حاسوبي أو نظام جديد اعتمدته مؤسستك مؤخرًا؟ معظم الوقت عندما تكون جديدًا على أمر ما، فإنك تحتاج شخصًا – مدرب رياضي أو محاضر أو موجه- يوجّهك بطريقة ممنهجة ورصينة ودقيقة، ونادرًا ما تترك لتخوض غمار الأمر من غير وجود داعم يرافقك الطريق، صحيح؟ سأجيب على هذا السؤال من تجربتي:
هناك حالة واحد كانت الإجابة فيها على هذا السؤال هي: (لا) وهذه الحالة هي: أن تكون جديدًا في القيادة!
من المثير للقلق، أن أولئك الذين يتم ترقيتهم إلى أول منصب قيادي رسمي لهم في المؤسسات، لا يحصلون على الوقت والموارد اللازمة للنجاح خلال تحوّلٍ من أكبر التحولات النفسية والعاطفية التي نقوم بها في حياتنا المهنية، أي الانتقال من موظف يعمل بجد، إلى مسؤول في الخط الأمامي أومدير من المستوى الأول أو قائد أو مشرف.
أفاد استطلاع ” كارير بيلدر” CareerBuilder أن 58% من القادة الجدد لم يتلقوا أي تدريب حين رُقّوا لمنصبهم القيادي الأول! ووجدت دراسة “زينجر فولكمان” أن القادة في حاجة إلى اثني عشر عامًا في المتوسط، ليحصلوا على أي تطور مهني يساعدهم ليصبحوا قادةً أفضل، وهذا يشكل ضررًا كبيرًا لأولئك القادة الجدد المتطلعين للنجاح ولكنهم لم يعطوا المصادر اللازمة التي تمكنهم من ممارسة أدوارهم الجديدة.
قد يعتقد البعض أن قادة الخطوط الأمامية الجدد لا يتحتم عليهم أن يكونوا محور التنمية؛ ولكن ضع في اعتبارك أن مديري الخطوط الأمامية والمبتدئين – ممن لم يسبق لأكثرهم القيادة من قبل – يتولون قيادة أكبر عدد من الموظفين بشكل مباشر يفوق أي مجتمع إداري آخر، كما أن لهم التأثير الأكبر والمباشر، على مؤشرات الأداء الرئيسية مثل: رضاء العميل، ومشاركة الموظفين وإنتاجيّتهم. علاوةً على ذلك، يحدد هؤلاء -القادة الجدد- صحة سلم الوظائف القيادية. تلك أسباب جوهرية لإعادة النظر في أهمية هذا الكادر القيادي وتطويرهم تبعًا لذلك.
وإحدى الطرق الفعالة والمجدية من حيث التكلفة لمساعدة القادة الجدد هي: إشراك رؤسائهم في تنمية قدراتهم القيادية؛ إذ أن إشراك الرؤساء في تنمية من تحتهم من القادة يؤدي إلى نقل الخبرات القيادية وتعزيزها، وزيادة فرصة: أن ما اكتسبوه من خبرات سيبقى مع أفراد القادة الجدد، وكذلك المشاركة في المحادثات التنموية كجزء من الاجتماعات الأسبوعية أو الشهرية، ويمكن أن يُربط بتقييم أداء القائد الجديد والتعليقات الرسمية والذي بدوره يعد مهمًا لعمل أي رئيس.
وبعد التمهيد، فإن هذا المقال يسلّط الضوء على ستة مواضيع مدعمة بالأدلة ينبغي على رؤساء القادة الجدد التدرب عليها، وكذلك النقاط التي يجب مراعاتها عند إجراء المحادثة التطويرية.
أولًا: عقليّة مختلفة
يتعيّن على الرؤساء مساعدة القادة الجدد في تجاوز ما تسميه أستاذة علم النفس كارول دويك “بالعقلية الثابتة” -التي تتجنب خوض التحديات، وتستسلم في المواقف الصعبة، وتتجاهل الانتقادات البناءة والتقييمات السلبية- ومساعدتهم على تبني “عقلية النمو” ليقبلوا التحديات والتقييمات المتعلقة بأوجه القصور والفشل.
ويمكن للرؤساء أيضًا تعزيز فكرة أن الأخطاء والفشل في المهمة هي جزء من كونك قائدًا، وأن الكمال ليس لبشر، وأن الجميع عرضة للخطأ، بالإضافة إلى إمكانهم لإنشاء ثقافة متطورة لعملية التعلم وحث القادة الجدد لتطبيق ما تعلموه في المستقبل.
لابد أن تتناول المحادثات التي يقوم بها الرؤساء مع القادة الجدد هذه الأسئلة:
- ما أكثر شيء يقلقك في دورك الجديد كقائد؟ وما الذي يمكنني فعله بصفتي رئيسك لتخفيف هذه المخاوف؟
- سأخبرك بالأخطاء التي ارتكبتها حينما كنت جديدًا في القيادة وماذا ستفعل لو كنت في مكاني؟
- لنفترض أن أمرًا لم ينجح بالطريقة التي رغبتها تمامًا، فما الذي تعلمته منه؟ وماذا ستفعل في المرات القادمة عندما تكون في وضع مماثل؟
- بكونك قائدًا، كيف تغرس عقليةً متطورة لمرؤوسيك المباشرين بحيث لا يقلقون من ارتكاب الأخطاء؟
ثانيًا: مجموعة من المهارات المختلفة
يُرقّى القادة الجدد في معظم الأحيان لمهارتهم التقنية، لكن مواصلة الاعتماد على هذه المهارات سيضعهم في مآزق مع دورهم القيادي الذي يتطلب منهم مهارات أخرى أساسية، مثل: مهارات التواصل والتأثير ولذلك ربما يجب أن تتضمن محادثات الرؤساء التنموية مع القادة الجدد ما يلي:
- كيف تحب عادة أن يُتواصل معك فيما يخص الرسائل الإلكترونية ومستجدات الأمور والاجتماعات ونحوها؟ إذا كنت لا تحب ذلك، فكيف ستتكيف إذن لتلبي احتياجاتهم فيما يتعلق بالوسيلة والمنهجية وطرق التواصل المناسبة؟
- فكر في الأشخاص الذين تعمل معهم، هل يتأثرون بالمنطق والحقائق؟ أم أنهم يميلون إلى التأثر بالقيم والأخلاقيات؟ كيف باستطاعتك أن تكون أكثر وعياً بشأن الطريقة التي يتأثر بها الآخرون، وكيف بإمكانك تعديل أسلوبك في التأثير للأحسن حتى تلائم تفضيلاتهم؟
ثالثًا: علاقة عمل مختلفة
إن أحد أكبر التحديات التي يواجهها القادة الجدد هو تفهمهم لفكرة تحول علاقتهم مع زملاء العمل من شريك – أو حتى صديق – إلى قائد. لذلك فعلى رؤساء القادة الجدد أن يجروا محادثات تسهم في مساعدة القادة الجدد على إدراك علاقاتهم العملية الجديدة، واستيعاب تحول دورهم من كونهم جزءًا من فريق، إلى قيادة ذلك الفريق؛ ولتكن هذه المحادثات تتمحور حول ثلاثة مفاهيم أساسية تُسفرعن قيادةٍ فعالة وناجعة، أشارت إليها أبحاث مركز القيادة الإبداعية وهي:
- التوجه: ما هدف ورسالة فريقك؟ وكيف ساهم فريقك في وضع هذه الأهداف؟
- المواءمة: ما المحادثات التي أجريتها مع أعضاء الفريق لتفهم أساليبهم المفضلة لإدارتهم وتوجيههم؟ وهل يعرفون ما هي أدوارهم ومسؤولياتهم الدقيقة في تحقيق أهداف ورسالة الفريق؟
- الالتزام: هل تعرف ما يُحفز أعضاء فريقك؟ ولمن يصلح له الثناء علنًا؟ ومن يجدي معه الثناء الخاص؟ إذا كنت لا تعلم عن ذلك، كيف بإمكانك معرفة ذلك؟ وكيف باستطاعتك أن تُشرك جميع أعضاء الفريق في أعمالهم؟
رابعًا: موقف مختلف إزاء العمل
الكثير من القادة الجدد ليسوا قادرين على التوقف عن القيام بالعمل، الأمر الذي يجعلهم في مأزق لامحالة؛ وتكمن المشكلة في عجزهم عن فهم ضرورة توقفهم عن القيام بالعمل، والبدء في تفويض وتدريب وتطوير الأشخاص التابعين لهم مباشرة للقيام بالعمل، ولهذا الأمر، يمكن للرؤساء التحدث مع القادة الجدد حول أهمية المحادثات التنموية:
- كيف تُفوِّض الأعمال؟ وكيف باستطاعتك أن تفوض العمل الذي يسبب تحديًا للآخرين، وإذا ما أنجز على نحو جيّد، سمح لهم بالنجاح؟
- ما هو شعورك عندما تتلقى مراجعة أو تقييما ما؟
- ما أفضل مراجعة تلقيتها؟ وكيف كان توقيتها؟ وهل كانت سلبية أم إيجابية؟
- هل بإمكانك أن تعطيني تعليقًا حول طريقتي في إدارتك؟ بهذه الطريقة ستشعر بالراحة عندما تعرف أنني سآخذ هذا التعليق بعين الاعتبار وأطبقه، وفي المقابل سوف تدرك كقائد أن مرؤوسيك المباشرين سيشعرون بالراحة إزاء إسدائهم ملاحظات تصاعدية، وبمقدورك البدء بخلق مناخ مريح للنقد والتقييم المفتوح مما يساهم في تطوير فريقك.
خامسًا: منظور مختلف
امتلاك منظور مختلف يتمثل في تحويل انتباه المرء عن العمل نحو العديد من الفئات المستهدفة والجهات المعنية والإدارات والوظائف وجميع السياسات التي تتبعها؛ وينبغي على الرؤساء تعليم القادة الجدد أن السياسات جزء طبيعي من أي منظمة، لا تعد إيجابية ولا سلبية، بل محايدة وجزء من الظروف اليومية للشركات، وينبغي أن تتضمن المحادثة ما يلي:
- أخبرني ماذا لاحظت على الإدارات والوظائف الأخرى؟ ما أهدافهم، ورسائلهم، ودوافعهم؟ كيف يمكن لأهداف فريقك ورسالته ودوافعه أن تتناسب مع أهداف تلك الإدارات والوظائف والعكس صحيح؟
- عندما تسوء الأمور، فذلك يرجع غالبًا إلى أن البعض يملك عقلية “أنا أفوز، وأنت تخسر”، ففي المستقبل، كيف يمكنك تعزيز العقلية التي تكفل الفوز للجميع عند العمل عبر الأقسام والوظائف التي لا تزال تعزز المنافسة الودية؟
سادسًا: التأكيد على التركيز
أن تكون نزيهًا وأصيلًا وخلوقًا وذا شخصية جيدة فهذه ليست صفاتًا إضافيةً أو جديدة، بل هي السمات المتوقعة من القائد! وينبغي على رؤساء القادة الجدد التشديد على هذه الفكرة في محادثتهم:
- فكر بالقادة الذين تركوا بصمتهم وعُرفوا بنزاهتهم وبشخصيتهم النبيلة؛ وماذا يمكن أن تتعلم منهم؟
- فكر بقادة أخفقوا في المؤسسة نظرًا لافتقارهم حس النزاهة؛ ماذا حصل ولماذا؟ وما الدروس التي يمكن تعلمها من هذه الإخفاقات؟
خاتمة
غالبًا ما يكافح القادة الجدد، لكن بإمكان رؤسائهم أن يساعدوهم ويقدموا لهم دعمًا أفضل، من خلال استعراض مواطن ضعف القادة الجدد في مشاركة نضالاتهم وخبراتهم وإخفاقاتهم ونجاحاتهم، فيمكن للرؤساء إبلاغ القادة الجدد بأنهم ليسوا وحدهم، وخذ الوقت اللازم لإجراء محادثات تنموية رائعة حول العقلية، ومجموعة المهارات، والعلاقات، والموقف، والمنظور، والتركيز المطلوب ليكون ذلك القائد هو الشخص الذي يسعى الجميع للعمل من أجله.