- مركز التنمية الأسرية
- ترجمة: هند مشعل
- تحرير: نورة سليمان
كحال معظم الآباء والأمهات: عندما تعود إلى المنزل في نهاية يوم طويل تشعر به بالإرهاق، و جلّ ما تريده هو أن تسترخي على الأريكة، وعند جلوسك لكي تخلع حذاءك، تسمع: “ماما! بابا! هلاَّ تشاركني اللعب؟ أرجوك!”.
في تلك اللحظة، يبدو اللعب مع طفلك عمل اعتيادي، لكن فكر في تلك الفوائد بعيدة المدى -العقلية والجسدية والاجتماعية- لطفلك عندما يلعب، وخاصة عندما يلعب معك! نحن نُراهِن بمجرد أن تقرأ هذا المقال، سوف تفكر عدة مرات قبل أن تقول “لا” في المرة القادمة التي يطلب فيها طفلك اللعب معك.
فوائد لعب الوالدين مع طفلهم:
يستفيد جميع الأطفال من وقت اللعب غير المنتظم مع الأطفال الآخرين بما في ذلك أشقائهم، أو حتى اللعب مع أنفسهم، ولكن هناك فوائد خاصة مترتبة على اللعب مع أحد الوالدين أو غيرهم من البالغين المقربين للطفل.
١- اللعب مع الأطفال يساعد على تطوير جميع أنواع المهارات:
اللعب مع طفلك هي إحدى الطرق المساعدة على تطوير مهاراته الاجتماعية وضبط النفس.
فإن عقول الأطفال أشبه بالإسفنج تمتص كل شيء حولها؛ فعندما يتفاعل الأطفال مع الوالدين والآخرين يتعلمون كيف يتصرف الناس في البيئات الاجتماعية، وما هو مقبول أيضًا من خلال الإيماءات الناتجة منك.
و بالإضافة إلى ذلك، ربطت الأبحاث بين لعب الوالدين والطفل واللعب البدني بتنمية مهارات محددة بما فيها:
- الإبداع.
- عمل الذاكرة.
- المهارات الحركية الكبرى.
- المرونة المعرفية.
- التنظيم العاطفي.
- القيادة الجماعية.
علاوة على ذلك وبينما يطوِّر الأطفال العديد من المهارات المذكورة أعلاه باللعب مع أشقائهم، يُوفِر الآباء لأطفالهم ألعاب متنوعة وأكثر نضجًا؛ نظرًا لأن البالغين مطَّلعين على العالم الخارجي، فإن اللعب مع البالغين من قِبَل الأطفال يوسع مداركهم ويفتح آفاق الخيال لديهم بما لايفعله اللعب مع الأطفال الآخرين أو حتى الأشقاء الأكبر سنًا.
فعلى سبيل المثال: تُظهِر دراسات نمو الطفل، أن الأطفال الرضع والأطفال في سن ما قبل الدراسة غالبًا ما يستخدمون سلوكيات تتطلب شريكًا عند اللعب مع الوالدين، ولكن من غير المرجح أن يفعلوا ذلك عند اللعب مع أشقائهم، وهذا يبدو منطقيًا!
يتوق طفلك لكي تتفاعل معه، فهو يُعِد اللعب مع الأطفال الآخرين أمرًا ماتعًا، لكنه لا يقارن بالبهجة والرضا عند إقناع أحد الوالدين بالدخول إلى عالم الخيال الخاص به، فهذه أمور تبقى في الذاكرة!
٢- يساعد اللعب على بناء علاقات قوية:
إن اللعب مع طفلك هو أحد أكثر الأدوات الفعالة لبناء علاقة قوية معه، فإن اللعب يضيف الفرح والحيوية والمرونة للعلاقات، ويمكن أن يساعد في شفاء مشاعر الاستياء والخلافات والأذى، وأيضًا من خلال اللعب يتعلم الطفل الثقة بالآخرين والشعور بالأمان.
فمن خلال بذل جهد واعٍ لدمج الفكاهة واللعب في تفاعلاتك اليومية مع أطفالك يمكنك تحسين جودة علاقاتك والتواصل معهم على مستوى أعمق.
كما يؤدي اللعب والضحك دورًا أساسيًا في بناء علاقة قوية وصحية بين الوالدين والطفل من خلال التقريب بينهما وإنشاء رابطة إيجابية بعيدة عن النزاع.
٣. اللعب مفيد لصحة الوالدين:
من المهم أن تلعب مع طفلك من أجل مصلحته، وفي المقابل أيضًا أنت تستفيد من اللعب معه، فيتم إطلاق هرمون(الأوكسيتوسين) الذي يشكل ترابطًا فيما بين الوالدين والأطفال عندما ينخرط الآباء في اللعب المليء بالحنيّة مع أطفالهم في أيِّ عمرٍ كانوا.
بناءً على ذلك: ففي المرة القادمة التي تشعر فيها بالإرهاق الشديد، ويتحتم عليك اللعب مع طفلك، فكّر مليًا بالأمر فهو أشبه بتدليك مريحٍ ومجاني لعقلك!
كيف تلعب مع طفلك؟
إن لم تكن تعلم كيفيَّة اللعب مع طفلك فلا داعي للقلق!
يشعر كثيرًا من الآباء ببعض الإحراج أو السذاجة، ففي البداية كل ما عليك أن تتظاهر و تندمج في السلوك الجسدي مع طفلك، وأهم ما يجب عليك فعله: أن تكون شريكًا جيدًا لطفلك، فتراقبه بنشاط وتنصت إلى قصصه وتدعم طرق لعبه التي اختارها وتشاركه في حديثه.
وتأكد من وجود التفاعل المتبادل بينكما دون تدخلك المستمر أو تحكمك في المحادثة.
اسمح لطفلك باستكشاف بيئته و مشاعره وأحاسيسه، ومكنّه من جذبك ثم شارك وتعاون، مما سيُقوِّم منهج طفلك؛ بأن يفعل الشيء ذاته في تصرفاته المستقبلية.
هل تبحث عن بعض الأفكار الجديدة للعب مع طفلك؟ ألقِ نظرة على هذه النصائح من شبكة صحة المرأة والطفل:
- تصنيف الألعاب: التعرف على الأرقام والأشكال وتجميع الأشياء.
- الألغاز: التعرف على الأشكال والأحجام والأرقام.
- اللعب التظاهري واللباس: يطور الجوانب الاجتماعية والعاطفية.
- رواية القصص: تعلم المهارات اللغوية وتنميتها.
- الرمي والالتقاط: يطور المهارات الحركية، والنمو البدني.
استمتع في كل مرة تساعد فيها صغيرك على تطوير المهارات التي سيكون مستعدًا لتطبيقها من تلقاء نفسه.
كيف يقوم مركز التنمية الأسرية بمساعدة العائلات؟
وافقت السيدة سميث على المشاركة في برنامج دعم الأسرة لأنه كان لديها مخاوف كبيرة بشأن السلوك الصعب لابنتها آشلي البالغة من العمر 3 سنوات.
وقالت السيدة سميث أن آشلي غالبًا ما كانت تواجه صعوبة في السيطرة على عواطفها وتتصرف بعدوانية تجاه أشقائها وأمها، فكانت أشلي تقاوم اتباع التوجيهات، وتعاني من نوبات غضب متكررة وشديدة تضمنت ضرب رأسها بالحائط وخدش نفسها وعضها.
أثناء التقييم المبدئي: كانت السيدة سميث منزعجة ومرهقة بشكلٍ واضح، فبكت طوال الجلسة ووصفت شعورها “باليأس” حول كيفية دعم ابنتها وضبط سلوكها.
بدأت السيدة سميث علاج التفاعل بين الوالدين والطفل (PCIT)، فتعلمت مجموعة من مهارات اللعب العلاجي للمساعدة في تعزيز علاقتها مع آشلي وتحسين سلوكها بشكل عام، وخصصت السيدة سميث وقتًا خاصًا للعب يوميًا مع آشلي، وأصبحت تلتقي بانتظام مع مدرب الرعاية الأبوية ومعالج الأسرة في مركز التنمية الأسرية للإجابة على اسئلتها، بالإضافة إلى ممارسة مهاراتها.
وعلى الرغم من أنها لا تزال في بداية البرنامج العلاجي، قالت السيدة سميث إنه من خلال التعرف على العلاقة بين الاهتمام الإيجابي والسلوك وجعل المهارات جزءًا من حياتها اليومية، فقد شهدت تغييرات كبيرة في سلوك أشلي.
ووصفت السيدة سميث آشلي بأنها “طفلة مختلفة” بالإضافة إلى أنها قللت بشكلٍ كبير من تكرار وحدّة سلوكياتها الصعبة، وتَعزِم السيدة سميث إلى إكمال البرنامج كما قالت:”لم أعتقد أبدًا أن العلاج يمكن أن يُحدِث مثل هذا التغير الكبير!”
أدركت السيدة سميث وابنتها آشلي بشكلٍ واضح كيف أنَّ وقت اللعب الخاص بين الوالدين والطفل يمكن أن يُعزِز الروابط ويعلم المهارات الاجتماعية والعاطفية.