- تأليف : ستيفن آدمز – Stephen Adams
- ترجمة : د. لينا منصور
- تحرير : عائشة السلمي
نُشر في مجلة الأخلاقيّات الطبيّة مقالة علمية تقول أن الأطفال حديثي الولادة ليسوا “أشخاصاً فعليين” ولا يمتلكون الحق الأخلاقي بالحياة. وجادل الأكاديميون أن من حق الوالدين أيضاً قتل أولادهم إذا تبين لهم أنهم معاقون عند ولادتهم.
و صرح البروفسور جليان سافولسكو محرر المجلة و مدير مركز الأخلاقيّات المهنية في جامعة أكسفورد – أوهايو أن مؤلفَي هذه المقالة تلقوا تهديدات بالقتل منذ نشرهما لها. وأعتبر أن كل من هدد و تعسّف في تعليقاته متعصباً و معارضاً لقيم المجتمع الليبرالي.
المقالة التي حملت عنوان (إجهاض ما بعد الولادة : لماذا على الطفل أن يعيش؟) كتبها اثنان من الشركاء السابقين للبروفسور سافولسكو وهما : ألبرتو جيوبليليني و فرانسيسكا مينرفا، اللذين زعَمَا أن الحالة الأخلاقية للرضيع تكافئ حالة الجنين إذ أن كليهما يفتقد المؤهلات التي تبرر منحهما حق الفرد بالحياة.
وبدل من اعتبار الأطفال الرضع حديثي الولادة “أشخاصاً فعليين” اعتبارهم ” أشخاصاً محتملين “. وفسرا ذلك بقولهما : إن كل من الجنين و الطفل حديث الولادة هم بالتأكيد بشر و أشخاص محتملين، لكنهما ليسوا ” أشخاصاً ” بمعنى أنهم ليسا مادة للحق الأخلاقي بالحياة. و إننا نُعرِّف الشخص بأنه الفرد القادر على الأقل أن يعزو لوجوده قيم أساسية فإذا فقد هذا الوجود فإنه يفقد نفسه.
وجادلا أيضاً : ” أنه ليس من الممكن أن يؤذوا طفل حديث الولادة عن طريق منعه من أن يتطور وأن يغتنم احتماليته بأن يصبح شخصاً فعلياً بالإطار الأخلاقي.” و خَلُص المؤلفان إلى أن ” ما نسميه إجهاض ما بعد الولادة (=قتل الطفل حديث الولادة) يجب أن يسمح به في كل الحالات التي يسمح بها بالإجهاض متضمناً الحالات التي لا يكون فيها الرضيع معاقاً أيضاً.
وصرحوا أيضاً بأن الوالدين ينبغي أن يكونا قادرين على قتل طفلهم إذا اتضح أن به إعاقة كانوا يجهلونها قبل ولادته وضربوا مثالاً على ذلك أنّ في أروبا فقط 64% من حالات متلازمة داون تم تشخيصها خلال الحمل، و أنّه بمجرد ولادة الأطفال فالوالدين لا يملكون أي خيار سوى الاحتفاظ بهم.
وأضافوا أن إنجاب أطفال كهؤلاء يعتبر حمل ثقيل لا يُحتمل على العائلة بل وعلى المجتمع ككل؛ إذ توفر الولايات الدعم و الرعاية الاقتصادية لهم.
على جانب آخر فهُما لم يجادلا أن بعض القتلى من الأطفال قتلهم مبرر أكثر من الآخرين وكانت نقطتهم المحورية أنّه أخلاقياً ليس هنالك فرق بين الإجهاض الممارس حالياً و هذا القتل. وأنهما يفضلان استخدام مصطلح (إجهاض ما بعد الولادة- after-birth abortion) بدل مصلح (قتل الرضع – (infanticide للتأكيد على أن الموقف الأخلاقي من قتل الرضيع يمكن مقارنته بالاجهاض المعروف (أي قتل الجنين خلال الحمل).
إن كلّاً من منيرفا و جيوبليليني يعرفان البروفسور سافولسكو عن طريق جامعة أكسفورد. و لقد كانت منيرفا حتى آخر شهر حزيران باحثة مساعدة في جامعة أوكسفورد \أوهايو –في مركز الأخلاقيات المهنية وتم نقلها إلى مركز الفلسفة التطبيقية و الأخلاقيات العامة في جامعة ميلبورن.
أما جيوبليليني فهو طالب سابق في جامعة كامبردج و أعطى كلمة بعنوان ( ما المشكلة في القتل الرحيم؟) في كلية مارتن في جامعة أكسفورد التي يشرف عليها البروفسور سافولسكو أيضاً. و هو أيضاً التحق بجامعة موناش في ميلبورن. و قد عمل البروفسور سافولسكو في كِلا الجامعتين قبل التحاقه بأكسفورد عام 2002 م.
وقال البروفسور سافولسكو مدافعاً عن قرار نشر هذا المقال في مجلة بريطانية طبية أن هذا الطرح الذي في صالح قتل الأطفال الرضع ليس جديداً ومُتبنى على نحو واسع أيضاً. و أنّ ما قاما به منرفا وجيوبليليني هو مجرد تطبيق عملي لهذا الطرح يأخذ بالاعتبار مصالح الأم و العائلة.
ومع أنه يقبل وجود الكثيرين ممن يخالفونهم في هذا الطرح إلا أنه كتب : ” أن هدف مجلة الأخلاقيات الطبية ليس عرض الحقيقة أو الترويج للجانب الأخلاقي الذي يتبناه شخص ما. وإنما هدفها تقديم طرح عقلاني متقن مبنٍ على مقدمات مقبولة على نحو واسع.”
وهو يتحدث لصحيفة ( التيلغراف اليومي – The Daily Telegraph) أضاف: “هذا الجدل هو مثال على مشكلة “ساحرة الأخلاقيّات” : إذ يدعي مجموعة من الأشخاص أنهم يعرفون من هذه الساحرة و يرغبون بحرقها. هذه إحدى أخطر الميول لدى الانسان التي تؤدي إلى نصب المشانق و ارتكاب الإبادات الجماعية بدل النقاش و المشاركة. و بسبب هذه الحالة من الجزم الأخلاقي التي يتبناها البعض فإنهم تتملكهم هذه الرغبة بإسكات من يخالفهم و قد يصل الأمر للقتل. هذا ليس المجتمع الذي ينبغي أن نعيش به!”
وقال أن المجلة قد ترتئي نشر مقالة تحمل هذه الأفكار ؛ إذا لم يكن هنالك اختلاف أخلاقي بين الإجهاض و قتل الأطفال الرضع ، وإلا ينبغي أن يكون الإجهاض أيضاً غير قانوني.
وقال الدكتور تريفور ستاميرز مدير الأخلاقيات الطبية في جامعة ساينت ماري : ” هل إذا خنقت أم طفلها بملاءته فإننا سنقول حينها هذا لا يهم لأنها يمكنها الحصول على طفل غيره ، هل هذا ما نريده أن يحصل؟
وأضاف “ما يقوله هؤلاء الزملاء الصغار هو نهاية الطريق المحتمة التي خاض بها فلاسفة الأخلاق في الولايات المتحدة و أستراليا لوقت طويل و بالتأكيد لا شيء جديد.”
ومشيراً إلى مصطلح ( إجهاض ما بعد الولادة) قال الدكتور ستاميرز أن “هذا مجرد تلاعب لفظي وليس فلسفة ، و بإمكاني مثلاً أن أطلق من الآن فصاعداً على الإجهاض قتل الرضع قبل الولادة (antenatal-Infanticide).”