كريستين روز بيرز
إدارة الحوار: بيت الفن
ترجمة: سليمان بن نايف العمري
تشغل كريستين روز بيرز أ. س. ر. منصب رئيس قسم حفظ الأعمال في متحف تشستر بيتي في دبلن بإيرلندا، وهي عضو معتمد في معهد حفظ المخطوطات، لديها خبرة تزيد عن 18 عامًا في حفظ المخطوطات، كما أنها مسؤولةٌ عن استوديو حفظ المخطوطات المُفعَم بالنشاط والحركة في المتحف.
وتُعد كريستين شخصية فعَّالة ومُؤثّرة في مجال حفظ المخطوطات الإسلامية والغربية، وتتضمَّن اهتماماتُها البحثية حفظَ مادة المخطوط الإسلامي، وبنية التجليد القديمة، وعلاقتهما بعملية الحفظ المعاصرة، واستخدام الصبغات ومواد التلوين في مخطوطات العصور الوسطى. كما أن لديها خبرةً كبيرةً ومباشرةً في العمليات المُعقَّدة لحفظ مجموعة كبيرة من مواد المخطوطات المجلَّدة، وأيضًا الأسطح المصبوغة لكلٍّ من الورق والرَّقِّ، ويعتمد النهج الذي تتبعه كريستين على فهمها للمواد والتقنيات الذي اكتسبته من عمليات التجديد التاريخية، والدراسات الأكاديمية أيضًا.
نحن نتحدَّث مع كريستين عن حفظ المخطوطات الإسلامية، وفهم مادة الكتاب الإسلامي، ورقمنة مجموعات المخطوطات والمعرض الحالي المقام في متحف تشستر بيتي تحت عنوان “لقاء في أصفهان: رؤية وأخذ وعطاء في إيران الصفوية”.
– كيف بدأتِ العمل في حفظ الأعمال التاريخية، وبالتحديد حفظ المخطوطات؟
– تدرَّبت على حفظ الأعمال التاريخية في كلية كامبرويل للفنون بلندن، وتخصَّصت في الأسطح المصبوغة، ولطالما انبهرت بالمواد التي يستخدمها الفنَّانون في أعمالهم الفنية، وأردت أن أقترب منها قدر الإمكان، والمخطوطات تُوفّر لي صلة فريدة ومستمرة بصناعها، وتكون عادة غير مُقيَّدة بطلاء أو زجاج.
عندما تخرَّجت، حالفني الحظ ببدء عملي في مكتبة جامعة كامبريدج، حيث كان زملائي يتمتَّعون بخبرة رائعة في حفظ المخطوطات، وتمكَّنت من العمل بجوارهم في مجموعات رائعة من المخطوطات، كما تمتَّعت بميزة معرفة نموذج مُجلَّد المخطوطات من متخصصين في حفظ الكتب تدرَّبوا حسب نظام التدريب والتلمذة التقليدي.
– باعتبارك رئيس قسم الحفظ في متحف تشستر بيتي في دبلن بإيرلندا، كيف يبدو اليوم العادي في أستوديو حفظ الأعمال الفنية؟
– نظرًا لأننا فريق صغير، لا أعتقد أنه يوجد يوم عادي على الإطلاق! فعملنا يعتمد على طلبات مُتنوّعة على المجموعات – في المقام الأول الرقمنة وتوفير مراجع للأبحاث العلمية والعرض، ويُعد الحفظ جزءًا لا يتجزَّأ من هذه العمليات، ونحن نُجري دراسات استقصائية للحالة وفحوصات؛ لضمان استقرار حالة المواد قبل مشاركتها مع الباحثين، ونُجري عمليات معالجة؛ لكي تستتب حالة القطع للرقمنة والعرض.
في أي يوم قد ننظر إلى قطع من أي جزء من المجموعة؛ لتقييم حالتها الحالية أو لإجراء تدخُّل علاجي، وبمجرد أن نكون في المختبر، نعمل عن كثب مع زملائنا الأُمناء؛ لفهم القطع التي أمامنا، ولتحديد أفضل خطة عملٍ لكل قطعةٍ.
– كيف تطوَّرت علاقتك واهتمامك بالمخطوطات الإسلامية؟
– أعتقد أن اهتمامي بالمخطوطات الإسلامية ينبع من المواد المصنوعة منها، فعندما كنت طفلة، كنت مفتونة بمصر، وأتذكَّر زيارتي للمومياوات المطلية بالألوان الزاهية في المتحف المحلي، كنت مفتونةً بعملية الحفظ بأكملها، على سبيل المثال: الكارتوناج المصنوع من البردي الذي يُزرع محليًّا، وكثرة المواد التي كانت تُدفَن في القبور، وكلٌّ منها كان مصنوعًا من مواد ثمينة مثل: العاج أو الملكيت أو اللازورد. وعندما كنت مراهقة، سمعت برنامجًا على قناة بي بي سي عن مناجم اللازورد في بدخشان، وكنت مبهورة تمامًا بهذه المادة الرائعة، ومنشؤها أفغانستان.
وخلال مسيرتي المهنية، وجدتُ أن تفرُّد مادة المخطوطات الإسلامية والتنوُّع الرائع في فنون الكتب المصنوعة في العالم الإسلامي هي التي دفعتني إلى معرفة المزيد عنها.
– إن لديكِ خبرةً واسعةً ومباشرةً بالعمليات المُعقَّدة المتعلقة بحفظ مجموعة كبيرة من مواد المخطوطات المجلدة، وأيضًا المخطوطات ذات الأسطح المصطبغة لكلٍّ من الورق والرَّقِّ، كيف اكتسبتِ هذه المهارات، وهل هناك فرقٌ في المواد المستخدمة في المخطوطات الإسلامية؟
– بعد تدريبي الأولي في حفظ الأعمال، كان من ضمن أول المشروعات التي عملت فيها في مكتبة جامعة كامبريدج ملحمة الشاهنامة([1]) الجميلة التي ترجع إلى القرن السابع عشر، اندهشت للغاية لقلَّة المعلومات المتاحة لتوجيه تقييم ومعالجة هذه المخطوطة؛ لذا بدأت أسعى إلى المعرفة من خلال القراءة، وحضور الدورات التدريبية، والتحدُّث مع الزملاء على المستوى الدولي.
وعلى الرغم من أن المواد المستخدمة في صناعة هذه المخطوطات واحدةٌ في مختلف أرجاء العالم (الورق والرَّقّ والأحبار والألوان)، إلا أن طريقة إعدادها تختلف اختلافًا هائلًا، ويُمكن أن تميز هذه الاختلافات المخطوطة، وتساعد على توطينها، بل ويمكن أيضًا أن تُؤثّر على طريقة تقادم المخطوطة وبقائها.
إن التجربة العملية مهمة أيضًا للغاية عندما تحاول فهم المخطوطات، كما أن صنع الأصباغ والأحبار باتباع الوصفات التقليدية، وتحديد مقاس الورق وتلميعه، وتجليد النسخ على طريقة النماذج الأصلية التاريخية يمكن أن يساعد المتخصص في الحفظ على فهم المخطوطات التي يعمل فيها، ويعطي معلومات عن حفظ هذه المخطوطات.
– ما رأيكِ في دور المتخصص في الحفظ في فهم مادة الكتاب الإسلامي؟
– تُعطي عملية حفظ الأعمال المتخصصين فيها رؤية فريدة للأشياء التي يتعاملون معها، وعلى الرغم من أنني لا أقرأ دائمًا نصوص الأشياء التي أمامنا، إلا أنني تُعجبني فكرة أننا نقرأ المواد.
– ما أهمُّ المخطوطات الإسلامية في مجموعة متحف تشستر بيتي؟
– كلُّ مخطوطة تبدو رائعة وفريدة عندما تنظر إليها بالتفصيل، ولكن من مميزات العمل في تشستر بيتي توفير فرصة دراسة وحفظ بعض المخطوطات التي تُعد من أروع المخطوطات التي أُنتجت، ومثال على ذلك روزبهان (مكتبة تشستر بيتي Is 1558).
أعدَّ هذه المخطوطةَ روزبهان محمد التابعي الشيرازي وفريقٌ من الطلعييين في شيراز في جنوب غرب إيران في منتصف القرن السادس عشر، ويُعتبَر روزبهان من أعظم الخطاطين في هذه الفترة، وتُعد هذه المخطوطة إحدى روائعه.
بدأت عملية حفظ مخطوطة القرآن لروزبهان في عام 2011، وكانت الأساس لمشروع بحثي مستمر يتضمَّن معرضًا يتركَّز على هذه المخطوطة، وعملية نشر كبرى. وفي عام 2018، تمكَّنت من إعادة تجليد المخطوطة، وكان ذلك تتويجًا لسنوات عديدة من العمل في حفظ الأعمال، لفريق من المتخصصين في حفظ الكتب والأوراق، وكان كلٌّ منهم يستخدم موادَّ خاملة بأعلى جودة وتقنيات متجانسة مع الثقافة؛ لضمان حفظ هذه المخطوطة للمستقبل القريب، كما أسعدني رؤية المخطوطة تأخذ شكل مجلد المخطوطات مرَّة أخرى.
– هل لديكِ مخطوطة إسلامية مُفضَّلة؟
– كنت أعمل على المخطوطة رقم (Is 1404) بمكتبة تشستر بيتي لأكثر من ست سنوات؛ لذا لا أعتقد أنني سأفضل عليها أيَّ مخطوطة أخرى! وترجع هذه المخطوطة المتميزة إلى العقود الأولى من القرن الثامن، ومن المحتمل أن تكون كُتبت في صنعاء باليمن تحت رعاية الدولة الأموية (661-750). وقد تبقَّى 201 ورقة، وتُمثّل حوالي 59% من النص الأصلي.
إنها مخطوطة كبيرة ذات تنسيق رأسي، مكتوبة بالحبر الحديدي على الرَّقِّ المصنوع من جلد الغنم، ويُمثّل تآكل الحبر وطبقات الإصلاحات التاريخية تحديًا كبيرًا لحفظ هذه المخطوطة، ولكن صمودها وبقاءها الكبير يُوفّر لنا أيضًا الفرصة لدراسة المواد المستخدمة في هذه الفترة الأولى من إنتاج المخطوطة الإسلامية. وحتى الآن مازال من الممكن تحديدُ نوع الحيوان المستخدم في صناعة الرق بالتعاون مع قسم الآثار الحيوية بجامعة يورك، ولوحة الألوان المستخدمة في الأطراف الزخرفية للسورة بمبادرة ” IPERION-CH MOLAB”.
– كيف تُؤثّر وظيفتكِ على إقامة المعارض في متحف تشستر بيتي؟
– يُعد حفظ الأعمال جزءًا لا يتجزَّأ من جميع الأنشطة المقامة في متحف تشستر بيتي، ونحن نعمل مع الأُمناء من لحظة بدء المعرض إلى التركيب عندما نضع الأعمال المحفوظة على الحائط أو في صناديق العرض، كما أننا نساعد الأمناء على إكمال قائمة القطع التي اختاروها بناءً على حالتها والعلاج اللازم للحفظ، ونساهم أيضًا بمعلومات في سجلات القطع بناءً على ملاحظاتنا وتحليلنا عندما ننظر إليهم في المختبر، وهذه العملية تستغرق عدة سنوات.
– هل يمكن أن تخبرينا بمزيد من المعلومات عن المعرض الحالي المقام في متحف تشستر بيتي تحت عنوان “لقاء في أصفهان: رؤية وأخذ وعطاء في إيران الصفوية”؟
– يوضح المعرض الحالي “لقاء في أصفهان” المركز الحضري العالمي للتجارة والأفكار والثقافة المرئية، واستمرَّ الإعداد لهذا المعرض لمدة عامين تحت رعاية زميلتي مويا كاري! وقد خضعت كل قطعة من القطع التي يتضمَّنها المعرض للفحص والبحث بعنايةٍ، وهو يقدم رؤية رائعة للعاصمة الصفوية والكثير من أشهر فنانيها.
– ما المخطوطات والخرائط والكتب المتوقَّع أن توجد في المعرض؟
– يتضمَّن المعرض 65 عملًا من مجموعات الأعمال الفارسية والتركية والعربية والأرمينية الموجودة في متحف تشستر بيتي، بالإضافة إلى كتب وخرائط مطبوعة من أوروبا، وأعمال من السيراميك ومشغولات معدنية ومنسوجات من مجموعة المتحف الوطني الإيرلندي. وتتنوَّع المواد والأشكال في هذا المعرض تنوعًا رائعًا، بدءًا من التمائم المنقوشة ولفيفة مُصغَّرة للقرآن إلى صحيفتين هائلتين من الفالنامة([2]) التي أُعدت للشاه طهماسب.
ومن الأعمال المُفضَّلة لديَّ المخطوطة رقم Per 268 بمكتبة تشستر بيتي، وهي مخطوط الاحتراق والذوبان الرائعة (Sūz u Gawdāz) لمُؤلّفها ناوي خابوشاني (1650م). فغلافها مزخرف زخرفة مدهشة بالضغط مع صور مفصلة لحشرات ونباتات وضفدع صغير.
– ما رأيكِ في رقمنة المخطوطات؟
– تُعد الرقمنة أداة مهمة لتمكين الوصول إلى مجموعات المخطوطات، وعلى الرغم من أن البديل الرقمي لا يمكن أن يحل أبدًا محل العمل المادي، إلا أنه يُمكِّن المستخدمين في مختلف أنحاء العالم من التعامل مع مجموعات المخطوطات وإجراء الأبحاث.
– لقد شاركتِ في العديد من المشروعات الدولية ذات الصلة بالمخطوطات الإسلامية وحفظها. فما أكثر المشروعات التي لا تستطيعين نسيانها ولماذا؟
– لديَّ ذكريات رائعة من جميع الأنشطة التعاونية التي عملت فيها، ولكن في العامين الماضيين عملت في مشروع القيروان للمخطوطات لتيسير الاهتمام بمجموعة فريدة من المخطوطات وإدارتها ودراستها وتحسينها، وتوجد هذه المخطوطات في المخبر الوطني لصيانة وترميم المخطوطات في رقّادة بالقيراون في تونس. وكان مشروع قيروان للمخطوطات يضمُّ شبكة من العلماء والمتخصصين في إدارة التراث؛ لذا حظيتُ بميزة اللقاء مع المختصين بحفظ الأعمال في رقادة (افتراضيًّا حتى الآن) ومشاركة الأفكار معهم عن حفظ مواد المخطوطات الإسلامية القديمة. وقد أسعد القائمين على مشروع القيروان للمخطوطات دعمُ أربعة متدربين جدد في حفظ المخطوطات بفضل منحة من صندوق بركات.
وكانت فرصة التعاون مع متخصصين في حفظ الأعمال يعملون في مجموعات المخطوطات الإسلامية حول العالم مُرضية جدًّا، تعلمت الكثير من خلال التجربة المشتركة، وكنت دائمًا أشعر بالحماس عند نهاية هذه المحادثات.
– لماذا تعتقدين أن الحفاظ على الماضي مهمٌّ؟
– تُعد المتاحف والمعارض والمحفوظات والمكتبات مستودعاتٍ للمعلومات التي تمَّ جمعها على مدار قرونٍ. إنها ليست مؤسسات جامدة، ولكنها مُؤسَّسات مفعمة بالحيوية تُقدّم رؤى للتجربة الإنسانية وفرصة لإيجاد أوجه التشابه بين الثقافات المتنوعة، ونحن كمتخصصين في مجال التراث نُقدّم الرعاية لهذه المجموعات ولسنا أصحابها، وأشعر أنه من واجبنا الحفاظ على هذه الأعمال الفنية للجيل القادم.
مكتبة تشستر بيتي رقم IS 1558
– ما رأيكِ في تمثيل الفن والثقافة الإسلامية في المتاحف الغربية الرئيسية؟
– ساعدت إعادة عرض المعارض مثل معرض مؤسسة البخاري للعالم الإسلامي على إبراز القطع الفنية الإسلامية في المجموعات الأوروبية ووضعها في سياقها، ولكن مازال هناك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها، إن المعارض المركزية التي تتناول أعمالًا فنية معينة أو فنانين أو أنواعًا محددة في الفن الإسلامي، لا الاستعراضات الموسوعية، تعرض للجماهير أساليب جديدة للمشاركة والفهم.
– الكثير من المخطوطات مجزَّأة ومبعثرة في مختلف أنحاء العالم في متاحف مختلفة، كيف يمكننا جمعها؟
– هذا هو الدور الذي تنجح فيه الرقمنة، فهي تتيح مشاركة وعرض عناصر مختلفة من العديد من المؤسسات معًا عبر الإنترنت. ويعتبر متحف تشستر بيتي في المرحلة الأولى من مبادرة جديدة مثيرة لرقمنة المجموعة بأكملها، لكي يتمكَّن الزائرون من مختلف أنحاء العالم من الوصول إلى المجموعات عبر الإنترنت. على الرغم من أن معظم المؤسسات تستضيف وتعرض المجموعات المتوفرة لديها على مواقعها الإلكترونية، إلا أنني أعتقد أن المشروعات التعاونية مثل: “متحف بلا حدود” أو “جوجل للفنون والثقافة” توفر إمكانية كبيرة لكل من الجماهير لكي تجد قطعًا جديدة وللباحثين لإقامة معارض.
– هل يجب أن تكون المعارض أكثر شفافية فيما يتعلَّق بمنشأ التُّحف والقطع؟
– يُعد المنشأ ضروريًّا لفهم تاريخ التحفة التي أمامنا، إن معرفة المكان الذي عُثِر فيه على القطعة وفهم ملكيتها (وقد يكون هناك أكثر من جهة مالكة) يساعد على إعداد ترجمة وتاريخ القطعة، وفي أغلب الأحيان يمكن استخدام مادة المخطوطة لتعقُّب تاريخها، ولكن عند الجمع بينها وبين دمغات الأختام والتعليقات التوضيحية والسجلات الأرشيفية، ستتضح رحلات التنقُّل الفريدة للمخطوطة.
يُعد متحف تشستر بيتي في بداية مرحلة طويلة المدى لبحث وفهم تاريخ مجموعاته بالكامل، ولدينا برنامج بحثي مركز يكشف عن تاريخ نشأة التحف، كما أن موظفي متحف تشستر بيتي يعملون بالشراكة مع متاحف أخرى ومؤسَّسات أكاديمية لتعزيز معلوماتنا عن المجموعات، نحن على دراية بالجدل الجاري المتعلق بالمنشأ، وسيُواصل بحثنا المستمر الكشف عن هذا المجال، حيث إنه يتعلَّق بالمجموعات.
وكما تتخيَّل هناك عددًا من التحديات المتعلقة بالموارد، فنحن لدينا مجموعة كبيرة ومُعقَّدة من الأعمال في وجود عدد قليل من الموظفين المتخصصين، ولكننا ملتزمون تمامًا بالشفافية فيما يتعلَّق بتاريخ المجموعة بناءً على بحث دقيق.
– هل تتواصلين مع بعض الجماعات والفصائل للوصول إلى مجموعة المخطوطات الإسلامية؟
– تُعد مشاركة مجموعات متحف تشستر بيتي وإتاحة الوصول إليها في صميم رسالة المتحف، ويمكن أن تيسر الرقمنة الوصول إلى هذه المجموعات عبر الإنترنت على مستوى العالم، بالإضافة إلى أكثر من 350,000 زائر يستقبلهم المتحف سنويًّا، ويعمل متحف تشستر بيتي أيضًا مع منتدى مدينة دبلن للأديان، وهي مؤسسة تعطي المجال والفرصة للمجتمعات الدينية لإقامة علاقات مع مجتمعات دبلن ومؤسساتها مثل متحف تشستر بيتي.
– أنتِ عضو مجلس إدارة هيئة المخطوطات الإسلامية. هل يمكنك إخبارنا بمزيد من المعلومات عن هذه الهيئة وأهدافها؟
– تُعد هيئة المخطوطات الإسلامية مؤسسة دولية غير ربحية مخصَّصة لحماية مجموعات المخطوطات الإسلامية ودعم مَن يعملون معهم، وقد تشكَّلت استجابةً للحاجة المُلحة لمعالجة عدم كفاءة الحفاظ على العديد من مجموعات المخطوطات الإسلامية حول العالم وعدم إمكانية الوصول إليها.
عملتُ مع الهيئة بعد إنشائها بفترة وجيزة في 2004 وحاولت المساهمة في أنشطتها، وتضمَّن ذلك ترجمة ونشر المعايير والتوجيهات لأفضل ممارسة في الفهرسة والحفظ والرقمنة والنشر الأكاديمي، وأيضًا الورش التدريبية عن حفظ الأعمال.
سيشهد عام 2022 إعادة تنظيم وهيكلة هيئة المخطوطات الإسلامية. وبعد أكثر من عقد من حماية مجموعات المخطوطات الإسلامية ودعم مَن يتعاملون معها، أدركت الهيئة أن هناك مجالات رئيسية للتغيير ستتيح لها أن تكون أكثر استجابة لأعضائها، ولتحسين كيفية تعزيز رعاية المخطوطات الإسلامية ودراستها.
– كيف يبدو لكِ مستقبل الفن والتراث والثقافة الإسلامية، وما الدور الذي يمكن أن يؤديه المتخصصون في الحفاظ على تطويره؟
– في السنوات الأخيرة، أُدرِكت أهمية المادة في الاتجاهات الأكاديمية التقليدية مثل تاريخ الفن، ويمكن أن تؤدي طريقة الدراسة هذه إلى إزالة بعض الغموض عن التحف والقطع الأثرية؛ مما يساعد على تيسير وصول جميع الجماهير إليها، وليس فقط القلة المميزة أو المثقفة. وأتمنَّى أنه مع استمرار أخصائيي الحفظ في المشاركة في دراسة الأعمال التي يُرمّمونها ويحفظونها أن يستمروا في جعل هذه الأعمال الفنية الرائعة تعتمد على مهارات يدوية ملموسة ومعرفة بالمواد، وعلى الرغم من أن بقاء هذه المخطوطات قد يبدو معجزة، إلا أن ذلك في الواقع لم يحدث بمحض الصدفة، ولكن بالجمع بين التميز في الإنتاج والتقنية عند الصناعة، والاهتمام بها ورعايتها طوال عمرها، والقليل من الحظ.
[1] ملحمة فارسية ضخمة تقع في نحو ستين ألف بيت، من تصنيف أبي قاسم الفردوسي، و”تُعتبر أعظم أثر أدبي فارسي في جميع العصور”. ونظيرها في العربية ديوان مجد الإسلام ويقع في نحو ثلاثة آلاف بيت نظم فيه أحمد محرم أهم أحداث السيرة النبوية والغزوات والوفود.. إلخ. وكذلك ديوان (مجد الإسلام) لفضيلة الشيخ أ.د حسن باجودة ويقع في نحو ١٢٠ ألف بيت. (المترجم)
[2] مخطوطة أو كتاب استطلاع قراءة الطالع والفأل عند الفرس والأتراك العثمانيين. “المترجم”.