- نشر: الهند اليوم | كييف
- ترجمة: محمد علي راشد
تمهيد: الإسلام في أوكرانيا
يمثل المسلمون حوالي 0.9٪ من إجمالي السكان في أوكرانيا؛ اعتبارًا من عام 2016، وتعود الجذور الأولى للإسلام في أوكرانيا إلى إنشاء خانات القرم في القرن الخامس عشر.
يمثل الإسلام السني التابع للمذهب الحنفي أكبر ديانة غير مسيحية في أوكرانيا، ومعظم المسلمين الأوكرانيين هم من تتار القرم. في عام 2012، كان هنا ما يقدر بنحو 500000 مسلم يعيشون في أوكرانيا، بما في ذلك 300000 من تتار القرم. وفي فبراير 2016، أحصى سعيد إسماعيلوف -المفتي هناك- مليون مسلم في أوكرانيا.
لا يوجد هيكل حكم عام للمسلمين في أوكرانيا، وتوجد المؤسسات الإسلامية الرئيسية التي تدعم المجتمعات المسلمة هناك في كييف وشبه جزيرة القرم وسيمفيروبول ودونيتسك. كما توجد المجتمعات السلفية المستقلة في كييف وشبه جزيرة القرم، وكذلك المجتمعات الشيعية في كييف وخاركيف ولوهانسك.
صحيح أن الأغلبية من الأوكرانيين هم من المسيحيين الأرثوذكس والكاثوليك الرومان، إلا أن عددا من المسلمين عاشوا في المنطقة التي تشكل أوكرانيا الحديثة لعدة قرون. تتركز المستوطنات الإسلامية في النصف الجنوبي من البلاد، لا سيما في شبه جزيرة القرم، على الرغم من وجود مستعمرات ليبكا تتار في مناطق أخرى مثل فولينيا وبودوليا.
يرتبط تاريخ الإسلام في أوكرانيا بتتار القرم، المتحدرين من الشعوب التركية وغير التركية الذين استقروا في أوروبا الشرقية في وقت مبكر من القرن السابع. أسسوا خانية القرم في جنوب أوكرانيا في القرن الخامس عشر. لكن سرعان ما فقدت الخانات سيادتها ووقعت تحت تأثير الإمبراطورية العثمانية، على الرغم من احتفاظ حكامها المحليين بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي. من القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن عشر، غالبًا ما أغار تتار القرم على الأراضي السلافية الشرقية للقبض على سكانها، واستعبدوا ما يقدر بثلاثة ملايين شخص، معظمهم من الأوكرانيين. انتهى نفوذ الخانات بعد أن أدى النفوذ الروسي المتزايد إلى ضمها إلى الإمبراطورية الروسية بعد الحروب الروسية التركية في أواخر القرن الثامن عشر.
في الوقت الذي ضمت فيه روسيا الخانات، كانت عاصمتها بخشي سراي تضم ما لا يقل عن 18 مسجدًا إلى جانب العديد من المدارس الدينية. إلى أن بدأت الإمبراطورية الروسية في اضطهاد السكان المسلمين، وأجبر ما يقرب من 160 ألف مسلم على مغادرة شبه جزيرة القرم.
منذ استقلال أوكرانيا في عام 1991، زادت عودة تتار القرم إلى شبه جزيرة القرم مقارنة بالعهد السوفياتي. وعلى الرغم من أن السكان المسلمين في أوكرانيا يتكونون من مجموعات عرقية مختلفة، فإن الغالبية من أصل تتار القرم. كان هناك أيضًا مستوطنة صغيرة نسبيًا للاجئين المسلمين الشيشان في شبه جزيرة القرم وأجزاء أخرى من أوكرانيا.
يمتلك المسلمون في أوكرانيا 445 حي، و 433 مفتٍ، و 160 مسجدًا، وهناك العديد من المساجد التي كانت بصدد التشييد قبل الحرب الروسية.
شكل المسلمون في أوكرانيا ثلاثة هياكل لإدارة شؤونهم وهي:
- المجلس الديني لمسلمي أوكرانيا
- المركز الروحي للجاليات المسلمة
- المجلس الديني لمسلمي القرم
- الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا
ينتمي معظم المسلمين الأوكرانيين إلى هذه المنظمات، مما يساعدهم على الانضمام إلى الحياة اليومية الإسلامية والأوكرانية السائدة. هناك ما يقرب من 360 منظمة ومجتمع مسلم أوكراني مسجل، ويعمل ما لا يقل عن 30 مجتمعا منها بدون تسجيل رسمي. أدى إنشاء حزب سياسي مسلم أوكراني إلى إنشاء حزب مسلمي أوكرانيا، ولكن ألغي الاعتماد الرسمي له في نوفمبر 2011 لأنه لم يرشح مرشحين في الانتخابات منذ الانتخابات البرلمانية عام 1998. كما أسس المسلمون أيضًا العديد من المنظمات الخيرية، بما في ذلك مؤسسة CAAR و مؤسسة البشرى. كما صدرت أول ترجمة كاملة للقرآن إلى الأوكرانية في المملكة العربية السعودية في عام 2012، من مجمع الملك فهد للمصحف الشريف.
بسبب الضم الروسي لشبه جزيرة القرم عام 2014 والحرب في دونباس -التي دارت رحاها بالقرب من دونيتسك ولوهانسك- يعيش 750 ألف مسلم (بما في ذلك نصف مليون من مسلمي تتار القرم) في منطقة لم تعد تسيطر عليها أوكرانيا.
قسم الترجمات
أعلنت روسيا الحرب على أوكرانيا يوم الخميس. في هذا الإعلان، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجنود الأوكرانيين بإلقاء أسلحتهم والعودة إلى ديارهم. وقد أثار اندلاع الحرب مخاوف بشأن المدنيين الذين يعيشون في أوكرانيا، وخاصة الأقلية المسلمة: تتار القرم.
تتار القرم هم شعب تركي مسلم أجبروا على ترك منازلهم في عامي 1944 و 2014. وتخشى الأقلية الآن من تأثير الحرب الروسية الأوكرانية.
كان عرفان كودوسوف -53 عامًا- في العشرينات من عمره عندما عاد تتار القرم إلى وطنهم بعد أكثر من 45 عامًا في المنفى القسري، وقال: “كبار السن فور نزولهم من الطائرة لأول مرة، قبلوا الأرض. كان الناس يبكون من الفرح، لقد عادوا إلى وطنهم”.
ولكن في عام 2014، أُجبر الآلاف من تتار القرم على مغادرة وطنهم مرة أخرى بعد ضم روسيا لوطنهم.
تتار القرم والنفي القسري
تتار القرم هم أقلية عرقية مسلمة موطنها الأصلي شبه جزيرة القرم، على الساحل الشمالي للبحر الأسود. في عام 1944، وبأمر من جوزيف ستالين، أجبر 180.000 من تتار القرم الذين يعيشون في شبه جزيرة القرم على ركوب قطارات الماشية ونفوا إلى أوزبكستان.
وفقًا لأحد التقديرات، مات حوالي نصفهم أثناء الرحلة إلى أوزبكستان أو بسبب المرض والمجاعة اللاحقة خلال أول عامين في المنفى. اعترفت العديد من البلدان -من بينها أوكرانيا- بهذا الترحيل على أنه إبادة جماعية.
مع انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، أصبحت شبه الجزيرة جزءًا من أوكرانيا وتمكن تتار القرم من العودة إلى وطنهم. ومع ذلك، لم تكن العودة إلى الأرض التي عرفوها من قبل سهلة، فقد واجهت جالية تتار القرم العديد من التحديات، مثل منعهم من شراء أو تأجير المنازل.
بالإضافة إلى النفي القسري، واجه تتار القرم أيضًا وصمة العار والتمييز بعد عقود من الدعاية السوفيتية وصفتهم بأنهم متعاونون مع النازيين. انتشرت وصمة العار هذه على الرغم من حقيقة أن عشرات الآلاف من تتار القرم خدموا في الجيش الأحمر.
ضم روسيا للقرم
في مارس 2014، ضمت روسيا شبه جزيرة القرم رسميًا بعد استفتاء متنازع عليه وقوبل برفض دولي. وعقب الضم، بدأت قوات الاحتلال على الفور في قمع الناشطين الموالين لأوكرانيا بين تتار القرم.
كما حظرت السلطات الروسية المجلس التمثيلي لتتار القرم، واصفة إياه بأنه جماعة إرهابية. ومن ثم انتقل حوالي 10 في المائة من التتار القرم من شبه الجزيرة منذ الضم، في كثير من الأحيان اتجهوا إلى خيرسون، مدينة في جنوب أوكرانيا، أو كييف.
تتار القرم في أوكرانيا
ترفع العديد من المؤسسات في جميع أنحاء كييف الآن علم تتار القرم. وصفت كاميلا يورتشينكو -التي تعمل في الإدارة الدينية للمسلمين الأوكرانيين- الأقلية بأنها جزء لا يتجزأ من المجتمع المسلم “متعدد الجنسيات” في أوكرانيا.
يقدر عدد المسلمين المتدينين في كييف وحدها بـ 100.000 مسلم، وكثير منهم من أوزبكستان وأذربيجان وكازاخستان، ويوجد حوالي 400.000 مسلم في أوكرانيا، غالبيتهم من تتار القرم.
يعتمد مستقبل هؤلاء المسلمين التتار الآن إلى حد كبير على نتيجة هذه الحرب؛ وقالت يورتشينكو: “أوكرانيا هي وطننا، ونحن قلقون مما سيحدث لها وما سيحدث لنا”.