- تأليف: ريتشارد ريفيس
- ترجمة: عبد الرحمن فتحي
- تدقيق: ليان الفارس
- مراجعة: الغازي محمد
‘ستاربكس مقابل دانكن’ : كيف توهمنا الرأسمالية بحرية الاختيار؟
تقدر الثقافة الأمريكية كل ما هو صغير، حيث يتم عرض الحياة في المدن الصغيرة بشكل مفرط ورومانسي على الشاشة – فكر في بلدة هوكينز في مسلسل “أشياء غريبة” “Stranger Things”- وهو شكل من أشكال الهروب في بلد يعيش 80% من سكانه في المدينة، لكن اثنين من كل خمسة يقولون أنهم يفضلون العيش في الريف أو في بلدةٍ صغيرة. وبالمثل الشركات: حيث من المرجح أن بالغي أمريكا يميلون لوجهة النظر “الإيجابية جداً” تجاه المشاريع الصغيرة ثلاثة أضعاف ما هم عليه تجاه المشاريع الكبيرة. (59% مقابل 17%)، وفقاً للدراسة الاستطلاعية الصادرة من مجلس الشؤون العامة لعام 2018.
هذا الحنين إلى حياة المدن الصغيرة و نمط المحلات “العائلية”[1] ‘mom and pop’ يمثل تناقضاً صارخاً ليس فقط مع السكان المتحضرين، ولكن مع قوة الشركات الكبرى كذلك. الرأسمالية هي محرك صنع الخيار والمنافسة، ولكن هذه المنافسة في كثير من الأحيان تكون بين علامات تجارية تملكها نفس الشركة، أو بين أعداد محدودة من الجهات الفاعلة الاقتصادية الكبيرة. صغرٌ يحكم الخيال، وضخامةٌ تحكم الشارع الرئيسي!
من اللحظة التي نستيقظ فيها من النوم ونتناول حبوب الإفطار وننظف أسناننا ، تهيمن حفنة من الشركات الكبرى على خياراتنا الاستهلاكية.
في السابعة والنصف صباحا:
تقوم بتنظيف أسنانك كل صباح، أليس كذلك؟ جميل. لديك الكثير من معاجين الأسنان للاختيار من بينها؛ لكن معظمها يتم إنتاجه بواسطة إحدى الشركات الثلاث التي تفرض هيمنتها على السوق:
حصة مبيعات معجون الأسنان في الولايات المتحدة-(وفقاً لإحصائية الجارديان لعام 2018):
(≡ كريست 20%) ، (≡ كولجيت 21%)، (≡ سنسوداين 12%)، (≡ أخرى 47%)
في الثامنة صباحاً:
وجبة من ابتداع الحداثة، أصبحت حبوب الإفطار من العناصر الغذائية الرئيسية في الغرب (وياللأسف ولكن هذه قصة أخرى!). وهي لا تأتي من خلال حِرَفي متمرس قادم من الشمال، و إنما عن طريق الشركات الضخمة؛ حيث قامت كيلوغ وجنرال ميلز تقريباً باقتسام السوق، وهو ما يمثل حوالي ثلث المبيعات لكل منهما.
حصة مبيعات الحبوب، الولايات المتحدة الأمريكية:
(≡ كيلوغ 30%)، (≡ جنرال ميلز 30%)، (≡ بوست هولدينغز19%)، (≡ شوفان كويكر6%)، (≡ أخرى 15%)
في الثامنة والنصف صباحاً:
معظم الأمريكيون يذهبون إلى العمل بالسيارة، ومعظمهم يفعل ذلك في سيارة تصنعها واحدة من أربع شركات: جنرال موتورز، أو فورد، أو تويوتا، أو فيات كرايسلر. هؤلاء الأربعة معاً يمثلون حوالي ٦٠٪ من مبيعات السيارات؛ ومع ذلك، فإن الشركات الخمس التالية تمثل 30% وهم: هوندا، ونيسان، وسوبارو، وهيونداي، وكيا. هنا على الأقل يبدو أن هناك بعض المنافسة القوية، ولكن دعونا نرى إن كان هذا سيستمر.
(≡ جينرال موتورز 17%)، (≡ فورد 15%)، (≡ تويوتا 14%)، (≡ فيات كرايسلر 13%)، (≡ أخرى 41%)
في التاسعة صباحاً:
هل تأخذ قدحاً من القهوة وأنت في الطريق إلى عملك؟ حسناً، الفرص المحتملة هي أن تكون إما من ستاربكس أو دانكن. عندما يتعلق الأمر بالكافيين؛ لا حاجة للكثير من الاختيار بين الشركات على ما يبدو.
حصة السوق من سلاسل القهوة الرائدة، الولايات المتحدة الأمريكية، ٢٠١٦:
(≡ ستاربكس 40%)، (≡ دانكن22%)، (≡ أخرى 38%)
في العاشرة صباحاً:
أول شيء يفعله ملايين الأمريكيون عندما يجلسون للعمل – وربما ما زال كوب القهوة في متناول أيديهم- هو تسجيل الدخول (log in). سبعة من أصل عشرة سيفعلون ذلك عبر نظام التشغيل (مايكروسوفت ويندوز) بينما عشرون بالمائة آخرون سيستخدمون نظام التشغيل (آبل أو إس)(Apple).
حصة مبيعات نظم تشغيل سطح المكتب، الولايات المتحدة، 2018-2019:
(≡ ويندوز70.5%)، (≡ أو إس 19.8%)، (≡ أخرى 9.7%)
في الواحدة ظهراً:
ما لم تمنعك سياسة الشركة، هناك فرصة جيدة لزيارة مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليوم. وعلى الرغم من كل متاعب فيسبوك؛ إلا أنه يظل الأب الأكبر”big daddy”، حيث تصل حصته السوقية إلى 37% يتبعه يوتيوب بحصيلة 27%.
حصة السوق لمواقع الشبكات الاجتماعية، ٢٠١٩:
(≡ فيس بوك 37%)، (≡ يوتيوب 27%)، (≡ تويتر 7%)، (≡ ريدديت 5%)، (≡ انستجرام 2%)، (≡ أخرى 22%)
في السادسة مساءً:
هل تتصل بصديقك لخطط ما بعد العمل؟ سيكون هذا باستخدام (آي فون) على الأرجح. (بحصة مبيعات 55%) أو ربما باستخدام (سامسونج 25%).
في كلتا الحالتين، فإن الفرص هي إما أن تستخدم (Verizon) أو (AT&T) اللذان يتحكمان في ثلثي الأسواق اللاسلكية.
أكبر مزودي خدمات الاتصال، الولايات المتحدة، 2017
(≡ Verizon wireless 35%)، (≡ AT&T 32%)، (≡ T-Mobile 17.4%)، (≡ Sprint 14.3%)، (≡ %U.S. Cellular 1)
الشركات الكبرى تهيمن على الاستهلاك. هذا ليس شيئًا سيئًا بحد ذاته. الشركات تصبح كبيرة من خلال كسب العملاء، وهي تفعل ذلك من خلال توفير منتج و/أو خدمة جيدة وتلك هي النقطة الأساسية في الأسواق الاستهلاكية.
يحدث أن تتنافس الأقسام المختلفة للشركات الكبرى ضد بعضها بعضاً؛ بينما لا يدرك المستهلكون أنهم يختارون بين منتجين تملكهم شركة واحدة. تأتي المشكلة عندما يقود هذا النجاح إلى تولي المناصب، حينها يتسنى لتلك الشركات الكبيرة أن تستخدم سلطاتها في صياغة اللوائح التي تناسبها، والتي لا تساعد منافسيها. إن كونك مواتياً للسوق (market-friendly[2])، لا يماثل كونك مواتياً للأعمال التجارية (business-friendly)، هذا لبسٌ شائع بين السياسيين.
الكبير ليس بالجميل ولا بالسيء، طالما لا تزال الجهات المنظِمة وفية للمستهلكين، لا للشركات التي تخدمهم.
المصدر: #
[1] نوع من المحلات يديرها شخصان متزوجان-المترجم.
[2] تدعم النظرة الصديقة للسوق وجود حكومة محدودة توفر إطارًا قانونيًا ولكن ليس له دور في تخصيص الموارد
بارك الله فيك ?
استمر ❤️❤️❤️
عظيم يا اخي ♥️
روووعه مبدع طول عمرك