التربية والتعليم

لا يطلق المرء أي مزحة ويتوقَّع أنها ستكون مؤثرة

  • تأليف: جون تيغرينغ (محاضر أول في كلية الطب في كلية إمبريال بلندن)
  • ترجمة: سمية محمد يسري
  • تحرير: خلود الحبيب

ذهبت في التسعينيات إلى جامعة من الجامعات المنصب اهتمامها على الأبحاث، حيث التدريس يعتبر على أفضل الأحوال عملاً روتينياً. لذلك، كانت المحاضرات غير مُلهمة بشكل كبير. على الرغم من ذلك، فإنني لازلت أتذكر محاضراً مميزاً جداً، هذا ليس بسبب محتوى محاضرته في الفيسيولوجي (كان أمراً يتعلق بإمكانيات الحركة في الخلايا العصبية، لحسن الحظ تذكَّرتُ شيئاً!) ولكن بسبب طريقته في الإلقاء، احتوت كل محاضرة على التفاتة ذات قدرٍ عالٍ من المرح وتم تحضيرها بعناية شديدة عادةً حول السير في جبال الألب.

حاولتُ أن أحاكي طريقته على مدار الأعوام، ونجحت في بعض الأحيان. لذلك، فإن أهم نصيحة يمكنني قولها فيما يخص استخدام المزاح المحاضرات هي أن تُبقيه بسيطاً، لا يجب عليك أن تكون جوناثان سويفت لكي تضحك 200 طالباً يشعرون بالملل. لأكون صادقاً، فإن معظم النكات التي أقولها تضحك طلاب المراحل الابتدائية كما تضحك الخريجين.

إن أكثر النكات التي استخدمتها نجاحاً هي تلك التي تستخدم قوة الرسوم المتحركة لتحويل “B for boring cells” ل “B for brilliant cells” . كانت هذه تحصل دائماً على تصفيق!. ولكن كن حذراً: إذا أضحكت المزحة الحضور فإنها قد تشتت سير المحاضرة وسيستغرق الأمر دقيقتين لتهدئة القاعة مرة أخرى.

ولكن بالطبع، المزحات لا تضحك الحضور دائماً. في بعض الأوقات، لا يدرك الطلاب أصلاً أنك تمزح. إذا كانوا لا يتوقعون منك مزاحاً فإنهم قد لا يفهمون ما تقول على أنه مزحة. عندما أخبرتُ إحدى المجموعات في نوبة من الغيظ أن أطروحاتهم لابد وأن تكون مكتوبة بخط اليد وأن يرسم الرهبان أول حرف فيها قضى المنظِّم مساءً مشغولاً يطمئن الطلاب أن هذا لم يكن حقيقياً.

تحتاج ايضاً أن تكون مثقفاً، أغلب النكات تضحك مستمعيها بسبب وجود أرضية مشتركة من المعرفة والخبرات، السن تحديداً هو أحد أكبر الحواجز، بدأت في إلقاء المحاضرات قبل أن يولد معظم الذين يدرسون الآن، لذلك فإنني عندما أشير إلى بعض الأشياء المشتهرة  أرى نظراتٍ غير متأثرة، على سبيل المثال، كان موقفاً محرجاً عندما قلت لأحد طلاب الدكتوراه “أحب ذلك عندما تندمج خطة ما معًا” وبدا مشوشا لم يفهم ماقلته، ولعل فيلم إعادة التشغيل لعام 2010 لفريق The A-Team ، الذي حل فيه ليام نيسون محل جورج بيبارد بصفته العقيد جون “هانيبال” سميث ، كان سيملأ هذه المساحة الشاغرة من التفاهم المتبادل.النكات المرئية قد تؤدي دورها، أحب الرسوم المتحركة وحاولت استخدامهم من مجموعة من المصادر،ولكنَّ الرسوم المتحركة تأخذ وقتاً في القراءة؛ لذلك فإنه لا يمكنك أن تعرضها لوقت قصير، ثم تتوقع تفاعلاً فورياً، الميمز أفضل من الرسوم المتحركة حيث أنها تكون محملة بالمعنى و تلمس تلقائياً الأرضية المشتركة. قد تكون حتى من النوع التعليمي- إذا كان بورميور في ملك الخواتم –the lord of the rings- من يقولها، لابد وأن تكون صحيحة.

ولكن المرء لا يطلق مزحة ويتوقع أن تضحك الجمهور، كما لو كان بورومير هو الذي يطلقها، تحتاج إلى أن تربط المزحة بالمحتوى، يمكن للمزحة أن تكون أمراً لا يُنسى، ولكنه قد يجعل ذاكرة من أمامك تنحرف عما تحاول تدريسه؛ لذلك فإنه وبعد 20 عاماً يمكنني تذكر أستاذ الفسيولوجي و مزحاته التي تتعلق بجبال الألب دون أن أتذكر ما علاقة ذلك بما كان يدرسه.

استطعت في إحدى المرات أن أقيم صلةً بين المزحة والمحتوى الذي أدرسه، من خلال ربط البريكست وحزب الاستقلال البريطاني مع الاتحاد الأوروبي بمناعة الخلايا التائية (نوع من أنواع كرات الدم البيضاء)، وبعد ثلاثة أعوام أخبرني الطلاب بأنهم لا زالوا يتذكرون المزحة والمفهوم.

اقرأ ايضاً: أهم النصائح لجعل محاضرتك ممتعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى